ساد جلسة المناقشة "الساخنة" التي عقدتها الجمعية الوطنية البرلمان الفرنسية أول من أمس، اجماع على معارضة السياسة الأميركية تجاه العراق، وعلى انتقاد نية الولاياتالمتحدة شن حرب على هذا البلد. وفيما طالبت الكتلة الاشتراكية باستخدام "الفيتو" ضد مشروع القرار الأميركي، ندد نواب اليمين بالاقتراح. وسعت مصادر الخارجية الفرنسية الى التقليل من الانتقادات الموجهة الى سياسة واشنطن، معتبرة اياها رسالة الى المتشددين في ادارة الرئيس جورج بوش. أجمع نواب اليمين الفرنسي الذين يشكلون الغالبية الساحقة في البرلمان، ونواب المعارضة الاشتراكيون والشيوعيون على انتقاد السياسة الاميركية ورفض الحرب. وافتتح النقاش الذي لم يتخلله أي تصويت، رئيس الحكومة جان-بيار رافاران، بكلمة انتقد فيها "الرؤية الاميركية المبسطة"، مذكراً بالموقف الذي أعلنه الرئيس جاك شيراك، ومفاده ان استخدام القوة ضد العراق ينبغي ان يكون "آخر الخيارات". وقال رافاران انه لا يوجد "حرب نظيفة أو حرب سهلة"، وان الحرب "ليست مرحلة بل محنة". وأعلن انه ينبغي الاعتماد على الوفاق والاجماع الدوليين لازالة التهديد الذي يمثله العراق. كما تحدث رئيس الحكومة السابق آلان جوبيه، رئيس حزب "الاتحاد من أجل الغالبية الرئاسية" الحاكم، أحد أقرب المقربين الى شيراك، ووزير الخارجية دومينيك دو فيلبان. وايد جوبيه كلام رئيس الحكومة، وندد بشدة بالأحادية الاميركية استناداً الى اعتبارات مردها الى القانون والفعالية السياسية. وقال ان الأممالمتحدة ومجلس الأمن وحدهما كفيلان "قانونياً وشرعياً باتخاذ قرار الحرب أو السلم". ورأى ان تدخل بلد واحد منفرداً ومن دون تكليف دولي، ليس مقبولاً لأسباب مبدئية وأخرى على صلة بالأخلاق الدولية. وتابع جوبيه ان أي قوة في العالم لن تتمكن "ولو هيمنت، ان تحل وحدها وبواسطة القوة الأزمات التي تهدد الوفاق الدولي". واصر رئيس الحكومة السابق ادوار بالادور الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان على ضرورة احترام الشرعية الدولية والتحرك على مراحل، بحيث يكون أي تدخل عسكري مدروساً ومبرراً "تفادياً لخطر إشعال الشرق الأوسط". اما رئيس الكتلة النيابية الاشتراكية جان-مارك ارو فطالب فرنسا بتبني موقف واضح، وبأن تعلن انها ستستخدم "الفيتو" ضد مشروع القرار الاميركي في مجلس الأمن. وقوبل هذا الموقف بالرفض من نواب اليمين الفرنسي الذين ارتفعت أصواتهم منددين بالاقتراح. وعبرت النائبة الشيوعية ماري جورج بوفيه عن رفض الحزب الشيوعي الفرنسي للحرب، لكنها أيدت سياسة شيراك وقالت انها "في الاتجاه الصحيح". ورد الوزير دومينيك دو فيلبان على اقتراح استخدام "الفيتو" قائلاً: "لا ينبغي ان نقيد انفسنا اليوم بموقف مسبق، لأن ذلك قد يحرمنا من القدرة على التأثير في اللعبة". وواكب الاجماع على انتقاد السياسة الاميركية حرص على ادانة النظام العراقي و"التهديد الذي يمثله"، وقال جوبيه ان العراق "يمثل تهديداً للسلام في المنطقة"، فيما ركزت مداخلات نواب الحزب الحاكم على الاقرار بأهمية الصداقة الاميركية الفرنسية. وادرج بعضهم انتقاداته لنهج التفرّد في اطار الصداقة والصراحة المترتبة عليها. وسعت مصادر وزارة الخارجية الفرنسية امس الى التقليل من اهمية الانتقادات الموجهة الى السياسة الاميركية مؤكدة ان النقاش البرلماني ليس ديبلوماسياً بل سياسي داخلي. واضافت ان الانتقادات الفرنسية للنهج الاميركي حيال العراق هي رسالة الى المتشددين في الادارة الاميركية وليس الى الحمائم. وتابعت ان السياسة الفرنسية قائمة على علاقة جيدة مع الولاياتالمتحدة على رغم التباين في الاراء، وان علاقة دو فيلبان بنظيره الاميركي كولن باول ممتازة. وذكّر بأن شيراك كان اول من زار الولاياتالمتحدة بعد اربعة ايام على احداث 11 ايلول سبتمبر لافتة الى ان التباين في الآراء غالباً ما يحدث بين دولتين تعتبر كل منهما ان لديها رسالة كونية. وخصلت الى ان الحلف الاميركي الفرنسي متين.