أدت التهديدات الأميركية بشن حرب على العراق إلى تراجع أسواق الأسهم العربية في الربع الثالث من السنة. كما أن أسواق أسهم كل من دول مجلس التعاون الخليجي والاردن التي سجلت أداءً جيداً في النصف الأول، تراجعت في الفصل الثالث مع حفاظ المؤشرات الرئيسية لهذه الأسواق على معدلاتها الإيجابية للشهور التسعة الأولى من السنة. غير أن سحابة عدم اليقين التي تغطي المنطقة ازدادت كثافة اخيراً بسبب الهجوم المحتمل على العراق والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى التراجع الكبير الذي تشهده أسواق الأسهم الدولية الرئيسية. وسجلت أسواق الأسهم الدولية تراجعاً ملحوظاً في الفصل الثالث من السنة، وحققت اليابان أقل تراجع بين أسواق الأسهم للدول الصناعية السبع الرئيسية، حيث انخفض مؤشر نيكاي بنسبة 11.7 في المئة خلال هذا الفصل بينما انخفض مؤشر سوق الأسهم الألمانية بنسبة 36.8 في المئة وسوق الأسهم الفرنسية بنسبة 28.7 في المئة وسوق الأسهم الإيطالية بنسبة 22.5 في المئة. وأغلق كل من مؤشر داو جونز للأسهم الصناعية الأميركية ومؤشر نازداك لشركات التكنولوجيا الربع الثالث عند أدنى مستوى لهما منذ ستة اعوام. في حين هبط مؤشر ستاندرد آند بورز لأكبر 500 شركة أميركية بنسبة 17.6 في المئة وهو أسوأ أداء فصلي له منذ انهيار أسواق الأسهم الدولية في تشرين الأول اكتوبر عام 1987 لينهي أيلول سبتمبر متراجعاً بنحو 28 في المئة عما كان عليه بداية السنة. وساعدت عودة بعض رؤوس الأموال المستثمرة في أسواق المال الدولية إلى ارتفاع مستوى السيولة المحلية وزيادة حجم التداول في أسواق الأسهم الخليجية. كذلك أدى انخفاض أسعار الفائدة المحلية لتجاري التراجع في أسعار الفائدة على الدولار وارتفاع أسعار النفط ليصل سعر برميل خام "برنت" إلى 28 دولاراً إلى تحسن أداء الاقتصاد الكلي لدول المنطقة ورفع بالتالي أرباح الشركات المدرجة. غير أن هذه العوامل الإيجابية لم تكن كافية لتجاوز آثار العوامل السلبية المتمثلة بالقلق السياسي حيال العراق ما أدى إلى انخفاض أسعار الأسهم في هذه الأسواق. وارتفع مؤشر سوق الأسهم الأردنية في النصف الأول من السنة بنسبة 4.7 في المئة وتابع تحسنه في تموز يوليو مرتفعاً بنسبة 11.7 في المئة ليصل إلى أعلى نقطة له في الأسبوع الثاني من الشهر. غير أن القلق المتزايد في شأن العراق والنزاع المستمر في المناطق الفلسطينية انعكساً سلباً على السوق وانخفض المؤشر بنسبة 6.1 في المئة نهاية الربع الثالث ولم تتعد الزيادة المحققة في أسعار الأسهم الأردنية في الشهور التسعة الأولى من 2002 مستوى 0.8 في المئة ولولا هذه التطورات الإقليمية لكان أداء سوق الأسهم الأردنية أفضل بكثير، فالشركات المدرجة سجلت أرباحاً جيدة خصوصاً الشركات الصناعية والدوائية، ولا يزال أداء الاقتصاد الأردني قوياً إذ ارتفع اجمالي الناتج المحلي 4.6 في المئة في النصف الأول من السنة مستفيداً من سياسة مالية توسعية وتحسن ظاهر للنشاط الصناعي والتجاري في البلاد. ولا تزال سوق الأسهم اللبنانية تعاني من انخفاض في حركة التداول ما أدى إلى تراجع المؤشر بنسبة 5.2 في المئة في نهاية الشهور التسعة الاولى مقارنة مع ما كانت عليه في بداية السنة، وسيبقى عدم الاستقرار السياسي في المنطقة والديون الضخمة التي تثقل كاهل الحكومة من العوامل الضاغطة على سوق الأسهم اللبنانية في الشهور المقبلة. وارتفعت خسائر سوق الأسهم الفلسطينية من 12.7 في المئة نهاية حزيران يونيو إلى 33.4 في المئة نهاية أيلول نتيجة للعدوان الإسرائيلي المتواصل ضد الشعب الفلسطيني واستمرار حال الحصار وحظر التجول وعمليات هدم المنازل والمصانع والبنية التحتية. وبقيت السوق مغلقة خلال معظم الربع الثالث من السنة وفي الأيام القليلة التي حصل فيها تداول شهدت أسعار الأسهم خسائر فادحة. وأغلقت الأسهم المصرية في الربع الثالث بانخفاض 1.1 في المئة عما كانت عليه في بداية السنة نتيجة ضعف النمو الاقتصادي وتأثر السوق بالقلق السياسي حيال العراق والضغوط المستمرة على سعر صرف الجنيه مقابل الدولار ما أدى إلى إحجام رأس المال المحلي والأجنبي عن الاستثمار في سوق الأسهم المصرية. أما سوق الأسهم المغربية فقد استمرت بالانخفاض للعام الرابع على التوالي وأنهت الفصل الثالث على تراجع بنسبة 17.6 في المئة عما كانت عليه في بداية السنة لتسجل أسوأ أداء بين أسواق الأسهم العربية بعد سوق الأسهم الفلسطينية. وشهدت سوق الأسهم التونسية تحسناً طفيفاً في الربع الثالث من العام لتغلق بتراجع 5.5 في المئة عما كان عليه في بداية 2002. وأنهت الأسهم السعودية الشهور التسعة الأولى على ارتفاع بنسبة 8.8 في المئة متراجعة عن المستويات التي وصلت إليها في النصف الأول من السنة التي كانت في حدود 13.2 في المئة. وجاء الأداء الضعيف خلال الفصل الثالث نتيجة المخاوف المتزايدة في شأن العراق والقلق الذي يشوب قطاع المصارف جراء الدعاوى التي رفعت من قبل أقرباء ضحايا أحداث 11 أيلول ضد بعض المؤسسات المالية السعودية. وأقفلت سوق أسهم البحرين الفصل الثالث على انخفاض بلغ 2.1 في المئة لتكون الدولة الوحيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تراجع فيها المؤشر خلال الشهور التسعة الاولى من السنة. في حين حققت سوق الأسهم الكويتية أفضل أداء بين أسواق الأسهم العربية في النصف الأول من السنة مرتفعة بحدود 30.2 في المئة قبل أن تخسر نصف أرباحها خلال الفصل الثالث بسبب بوادر الحرب على العراق ولتنهي الشهور التسعة الأولى على ارتفاع 16.2 في المئة. ويعود الأداء القوي لسوق الأسهم الكويتية السنة الجارية إلى ارتفاع مستويات السيولة وتراجع أسعار الفائدة واستقرار أسعار النفط وتحسن الأداء الاقتصادي بشكل عام. وعلى خلاف دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، ارتفعت أسعار أسهم كل من دولة الإمارات العربية المتحدةوقطر في الربع الثالث من السنة. وسجلت سوق أسهم قطر افضل أداء بين أسواق الأسهم العربية لتغلق على ارتفاع بنسبة 31.7 في المئة. أما سوق أسهم دولة الإمارات العربية المتحدة التي حققت ارتفاعاً بنسبة 22.6 في المئة في الشهور الستة الأولى، فقد حافظت على تحسنها خلال الصيف ليصل إلى 12 في المئة في بداية أيلول نتيجة لأداء الشركات القوي خصوصاً في قطاع المصارف. وكباقي الأسواق، تأثرت سوق الإمارات سلباً بمخاوف اندلاع حرب على العراق ليتراجع ارتفاعها إلى 5 في المئة نهاية الربع الثالث. وسجلت سوق الأسهم العمانية ثاني أفضل أداء بين أسواق الأسهم العربية في الشهور التسعة الاولى من السنة لتغلق على ارتفاع 18.5 في المئة. ولا تزال المؤشرات العامة لأسواق أسهم كل من الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي إيجابية بسبب ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي والأداء الجيد للشركات المدرجة بشكل عام. ومع أن أسعار أسهم عدد كبير من هذه الشركات تعتبر عند معدلات جاذبة للمستثمر بالإضافة إلى تدني معدلات أسعار الفائدة المحلية، غير أن عدداً كبيراً من المتعاملين وجد أنه من الأفضل الإحجام عن الاستثمار في هذه الأسواق في الوقت الراهن بسبب القلق المتزايد من حرب محتملة وشيكة. وأصبح هذا واضحاً في أسواق الأسهم لكل من الأردن والكويت والمملكة العربية السعودية، حيث سُجل تراجع في الأسعار خلال الأسابيع القليلة الماضية وانخفضت نسبة التداول بشكل واضح. أما في أسواق الأسهم لكل من قطر وعمان والإمارات العربية المتحدة فيتوقع لها أن تكون أكثر استقراراً خلال الربع الأخير من السنة على رغم التوترات الإقليمية المتزايدة والقلق حيال العراق. * الرئيس التنفيذي جوردانفست.