«لا يخرج مصطفى من البيت، إلا مطروداً»!... تمازحنا الزميلة المذيعة مي الخطيب، زوجة المذيع الرياضي مصطفى الآغا، بقولها هذا، وقد التقيناهما معاً في رواق مستشفى في «المدينة الطبية في دبي». وربما من حُسن حظّ عشاق الرياضة، من مشاهدي الشاشة الصغيرة، أنه «يُطرد» يومياً، أو يكاد! فنحن نعلم أن مصطفى الآغا، وإذ يغادر بيته، قرابة منتصف الليل، يومياً، فلا يكون ذلك إلا من أجل تقديم برنامجه الرياضي الأشهر في العالم العربي: «صدى الملاعب» على شاشة «ام بي سي 1». منذ سنوات، صار من المعتاد ألا يشارك برنامج «صدى الملاعب»، في أيٍّ من مهرجانات التلفزة العربية، من البحرين إلى تونس، والقاهرة في المسافة بينهما، إلا كي يعود بالجائزة الذهبية، باعتباره البرنامج الرياضي العربي «الأفضل»، على الشاشة «الأفعل»، كما يلذّ للمذيع مصطفى الآغا، أن يكرِّر في فاتحة برنامجه، وخاتمته، ما بينهما. ثمة خلطة، لا بد لها من أن تثير الإعجاب، تتوافر في هذا البرنامج الذي يحاول أن يتمثل الرياضة باعتبارها «الحياة»!.. لا يكتفي برنامج «صدى الملاعب» بكونه «صدى» لأيّ من الملاعب العربية، أو «كلها»، وهي التي تستحوذ على الإقبال الأكبر، والأوسع، للجمهور العربي، شيبه وشبّانه، تماماً إلى الدرجة التي يراها بعضهم مثار حسد، بينما يراها آخرون سمة مؤسية، إذ لا تنال طرازها لا الثقافة ولا السياسة ولا الفكر ولا الإبداع ولا الفنون كلها... بل ولا حتى القضايا القومية والوطنية. أمةٌ في الملاعب. والملاعب ستتمكّن ليس من زعزعة العلاقات الأخوية بين بلدين عربيين، أو أكثر، وبين شعبين متآخيين، أو أعمق، وليس بين مدينتين، أو أقل، بل حتى ربما بين جمهور ناديين متنافسين في المدينة ذاتها. بنباهة، يمزج برنامج «صدى الملاعب» بين الرياضة وسائر صنوف الإبداع والفنون، تماماً إلى درجة أنه جعل من حضور بعض نجوم الغناء والسينما والمسرح، وغيرها من الفنون، معتاداً في بعض حلقاته! صحيح أنهم غالباً ما يتوجهون بأحاديثهم إلى مصطفى نفسه، باعتباره قرين البرنامج، ولكن من قال إن مصطفى لم يطبع البرنامج بأسلوبه، وطريقته، وحضوره؟ ومن تراه قال إن البرنامج التلفزيوني، أيّ برنامج تلفزيوني، يمكن أن ينمو بالروح ذاتها، بعيداً من أنفاس مذيعه؟ وبنباهة، أمكن لبرنامج «صدى الملاعب»، أن يسير في حقول الألغام عابراً بتوازن، داعياً للمّ الشمل، والتآخي، والتضافر، بعيداً من النزعات العصبية والشوفينية. هل ترانا ننسى المواقف المتميزة التي اتخذها البرنامج في الأزمة الشهيرة بين بلدين عربيين، التي كادت تصل إلى الحرب، بعد الحرب الإعلامية الشعواء؟ يحوّل برنامج «صدى الملاعب» الأستوديو التحليلي الذي يقيمه إلى جلسة أليفة لطيفة، مدعومة بالتقارير المصورة البارعة، التي يقدمها من غير بلد عربي، فلا يُفلت رصانة التحليل الرياضي، وصوابيته، من دون أي ميل للتجهم أو التعالي. ثمة بساطة، بعيدة من السطحية أو التسطيح، تماماً، وقريبة إلى روح الأسرة، وحواراتها. إنه البرنامج الرياضي العربي الأفضل، على رغم تواضعه، إذ يقول عن نفسه إنه «صدى الملاعب»، ولم يقل أبداً إنه «صوتها»!