ان الموت لا يخطئ طريقه، فماذا حدث له هذه المرة؟ ألا يريد ان ينهي عذاب هذه الأعضاء التي انسلخت وتشرذمت، وسال دمها أنهاراً حمراء؟ ينجرف في طريقها كل كائن يريد ان يحيا فوق بساط الحرية والكرامة. وانفطر القلب، وكان انفطاره حزناً على الأرواح التي تركت أجسادها، وارتحلت لا بل رحل الافتراق بها. فماذا تبقى بعدئذ للأنفاس كي تستنشق، مرة أخرى، الهواء، وتزفره؟ يا لها من أهوال تتراءى أمام هذا القلب المكلوم، الممد الذي لا يستطيع حراكاً، ولا طاقة له ليدافع عن بنية الأعضاء التي تتهاوى لحظة بعد أخرى. وعلى رغم ان بقية الأعضاء لم تصمت، بل دانت التفرقة، وشجبت الاختلاف، واستنكرت الاندثار، واستهجنت التشرذم والانسلاخ، وأعلنت بكل صرامة وصراحة ووضوح انها مع التآلف والتآخي والاتحاد والتحام والتئام الجراح، وتوقف القلب، ولم يعد يئن أو ينزف أو يستغيث أو يستصرخ. لندن - أنسب علي اسماعيل