في مقالاته الدورية المنشورة في "الحياة" يحاول ادوارد ووكر رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن أن يبدو حَمَلاً وديعاً، سلامياً، في مخاطبة العقل العربي، لدى استعراضه الصراع العربي - الاسرائيلي. وكل مقالاته تتركز عليه. ويحاول التحلي بالموضوعية لدى تناوله عناصر هذا الصراع. لكن موضوعيته المتعمدة تتكشف من بين كلمات سطوره. فمهما حاول تغليفها بالعسل، تظل لساناً مردداً لسياسة الادارة الاميركية في مجملها، وانعكاساً أميناً للارتفاع المتنامي في "بارومتر" الاقتراب الاميركي من السياسات والمفاهيم الاسرائيلية، وتعبيراً دقيقاً عن تلون السياسي، الذي يحاول الوصول الى عقل من يخاطب بالتعابير الصداقية الجميلة، بعيداً من موضوعية الباحث الذي يرأس معهداً مختصاً بالشرق الأوسط. وكثير من الصحف العربية ترى دورها في النقل الأمين والمباشر للحدث، من دون تدخل منها في توضيح مخاطره مثلاً. وهي، وإن أتاحت الفرصة للتعليق عليه، فإنها تتناول جوانب محددة دون أخرى، انطلاقاً من حسابات وموازين خاصة بها. ادوارد ووكر، في مقالاته الكثيرة بعد 11 أىلول سبتمبر يأخذ على العرب عدم وضوح إدانتهم لما جرى في نيويوركوواشنطن، ويأخذ عليهم قيام مئات منهم على امتداد الوطن العربي بالتعبير عن فرحهم لما حصل، ويحاول تصوير ذلك سمة عامة وهو يفصِّل في التفجيرات التي جرت في القدس وحيفا... ولا يتطرق السيد ووكر الى الاغتيالات اليومية الاسرائيلية لأبناء شعبنا ولا للحصار، ولا للقتل، ولا للعنجهية الصهيونية، ولا لاغتيال الناس لمجرد الشك في النية أنهم يخططون للقيام بعمليات. انه المنطق الاميركي الذي يرى دور الفلسطينيين في حماية الأمن الاسرائيلي، ليس إلا! وعلى رغم موقفه المرن من الرئيس ياسر عرفات، فإن السيد ووكر عبّر عن خيبته، في جلسات استماع الكونغرس، من تردد عرفات في مواجهة "الارهاب المتزايد". ويستطرد ووكر قائلاً: ومع ذلك يبدو أن عرفات أدرك أن عليه الاختيار بين أن يتحلى بالعزيمة ويتصدى للمتطرفين، أو يجد نفسه وشعبه معزولين كلياً! فلا كل المجازر التي اقترفتها اسرائيل ضد شعبنا الفلسطيني وضد أقطار عربية كثيرة، ولا التاريخ الدموي لشارون ومشاركته المباشرة في المجازر، ولا كل اعتداءاته اليومية على شعب محتل أعزل، تعني لووكر وادارته شيئاً، أو تستدعي التمحيص والبحث. انه منطق الاستعلاء الاميركي الذي يصل حدود العنصرية في تثبيت نمطية العرب لا خوف من ضربهم عسكرياً، وهم لا يمتثلون سوى للقوة، وضربهم لن يثير ردود فعل ولو صغيرة لديهم - انظر مقالتي الاستاذ جهاد الخازن عن بعض الكتّاب الاميركيين في تحريضهم على العرب، 5 و6/12/2001 "الحياة". والفرق بين ووكر وأولئك أن الأول يعبِّر عن الفكرة نفسها ولكن بكلمات معسولة، وادعاء الموضوعية والتوازن، والبعد عن الانحياز. ولأن الشمس لا تغطى بغربال، فإن أحداً لن يستطيع تغطية الحقيقة ولا حتى السيد ووكر. عمان - د. فايز رشيد اللجنة التحضيرية لمعهد العالم العربي لدراسات الصهيونية واسرائيل