في كتاب جديد أصدرته ابنتها بالتبني سيلفي لوبون دو بوفوار ويحتوي مجموعة صور غير معروفة، تبدو الكاتبة الفرنسية الكبيرة، رفيقة جان بول سارتر لأكثر من نصف قرن، ومؤلفة "الجنس الثاني" الذي اعتبر لسنوات بداية الثورة النسائية حول العالم، تبدو للمرة الأولى امرأة على قدر كبير من الجمال و"الحسية" واللهو. وفي هذا النص المنشور أخيراً في المجلة الاميركية "ماكّال" كلام من السهل اسناده الى فرانسواز ساغان لكنه في الواقع من توقيع سيمون دو بوفوار. لماذا نقع في الحب؟ نقع في الحب لأننا صغار في السن، لأننا نشيخ، لأننا عجزة، لأن الربيع يمضي ويأتي الخريف. لأننا نمتلئ طاقة، لأننا منهكون، متحمسون، ملولون، لأننا نحبكم ولأننا لا نحبكم. إذا كانت الأجوبة كثيرة فلا يمكن السؤال أن يكون سهلاً. "أحبّ" كلمة مشوشة. ففي كل مكان وفي أي لحظة ملايين الرجال والنساء يتبادلون بإعجاب أو إدراك عبارات "أحبك"، "إنني مغرم بك" يرددونها بصوت عالٍ أو منخفض، "إنني بحاجة إليك"، "لا أستطيع العيش من دونك". إن الكون والوقت يجدان توازنهما أو يتوقفان أمام الوجه الذي يمثل جوهر الشيء الأثمن في العالم، لذلك نرى الأصدقاء يتساءلون "ماذا يرى فيه فيها؟" أو "حقاً لا يوجد فيه شيء مميز...". لقد ذكر ستاندال نظرية "التبلور" التي تحول الشخص العادي، الفارغ القلب الى عاشق وبالتالي الى مخلوق فريق حتماً. أما اليوم فيتحدث محللو النفس عن "التركيز النفسي"، والمقصود بذلك لماذا يركّز فلان أو يبلور اهتمامه على فلان دون سواه؟ فهذا أمر مبهم. أحياناً يُعتبر الحب تحدّياً للزوج، للزوجة أو الأهل والأصدقاء... لكل الذين قاموا بحيل قذرة وعندها يلجأ العشاق الى العزلة. ولكن لا يمكن أن يتخذ الحب صورة العنف الشديد إلا في حال ارتباطه بالانتقام، إنتقام من مجتمع مغلق ننتمي اليه أو من حلقة ريفية نتخلّص منها. يتفجر الحب فجأة في القلب عندما نلتقي بالشخص الذي يلبي لنا رغباتنا وعندها لا نكون في غاية السعادة ولا في عمق الهاوية وإنما عندما تفقد الحياة شيئاً من عطرها، نجد النساء اليوم مهيئات للحب لا لفن أو لمهنة تمكنهن من التقدم أو حتى من تغيير العالم وإنما الحب يتيح لهن ذلك. إن القيم المعروفة من المجتمع، أي الجمال والمال والذكاء لا تسبب بالضرورة الحب وإنما هذا يعود الى ما مررنا به منذ الطفولة، خصوصاً ماضينا وأهدافنا... ويجوز أن نكون في سياق البحث عن شيء ثمين مثل أب أو طفل أو الأمان أو الحقيقة أو أي صورة اخرى للذات. إننا في سياق البحث عن أي شيء لا نملكه وبحاجة اليه. لماذا نحب؟ "لأنّه الشتاء، لأنه الصيف، لأننا نعمل كثيراً، لأننا نمضي الوقت من دون عمل يُذكر، لأننا ضعفاء، لأننا أقوياء، لأننا بحاجة الى الأمان، لأننا نحب المغامرة، لأنّ قلبنا مفعم بالأمل، لأننا نحبكم، لأننا لا نحبكم...".