خلص مجلس وزراء الداخلية العرب المنعقد في دورته التاسعة عشرة في بيروت الى اعلان موقفين من نقطتين ساخنتين في المنطقة والعالم: الموضوع الفلسطيني ومسألة مكافحة الارهاب. وتجنب الوزراء الخوض في أي أحاديث جانبية تركز على تفاصيل تعاطي بلدانهم مع موضوع الارهاب، فيما لم يتجاوز تأييدهم للشعب الفلسطيني اعلان الدعم والمساندة ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف العدوان الاسرائىلي. وكانت أعمال دورة المجلس اختُصرت من ثلاثة أيام الى يومين، ولم يجتمع الوزراء في اليوم الثاني لأكثر من ساعة فتحت على اثرها الابواب امام عشرات الصحافيين ليدخلوا قاعة الاجتماع ويستمعوا الى كلمات شكر للبنان على استضافته الدورة واعلان ثقة الوزراء بالاجراءات الأمنية التي اتخذت لسلامتهم بما يشبه شهادة ثقة مسبقة باستضافة لبنان القمة العربية في آذار مارس المقبل. وشهدت الجلسة الختامية تبادل الدروع، فأعلن الرئىس الفخري للمجلس وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز عن تقديم درع الى وزير الداخلية اللبناني الياس المر الذي ترأس الدورة ال19 للمجلس "تقديراً للعناية الكريمة التي احيط بها المجلس ولتنظيم دورته ال19" وجرى منح الأمين العام السابق للمجلس الدكتور احمد السالم وكيل وزير الداخلية السعودية درعاً تقديراً للدور الذي بذله في منصبه السابق على مدى تسع سنوات. واستمع الحضور وقوفاً الى نشيد الشرطة العربية. وأتاح ابقاء الصحافيين في القاعة للاستماع الى مقررات المجلس الفرصة امام خروج "سهل" لوزراء الداخلية من دون ان تعترض معظمهم "كمائن" صحافية. وتولى الأمين العام للمجلس الدكتور محمد علي كومان والوزير المر تلاوة ما خلص اليه المجلس الذي صدر عنه "اعلان بيروت في شأن مكافحة الارهاب" وتضمن تأكيد "ادانة المجلس للارهاب بكل اشكاله وأساليبه ومصادره وضرورة معالجة الاسباب التي قد تؤدي اليه، وادانته الشديدة لارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائىل ضد الشعب الفلسطيني، وتأكيد التزامه بمكافحة الارهاب وفقاً لمدونة قواعد السلوك للدول الاعضاء لمكافحة الارهاب والاستراتيجية العربية والاتفاق العربي لذلك". وأيد المجلس "الجهود الرامية الى عقد مؤتمر دولي تحت اشراف الأممالمتحدة لبحث ظاهرة الارهاب وتحديد مفهومه والتمييز بينه وبين حق الشعوب في الكفاح بشتى الوسائل من اجل تحرير اراضيها وفقاً لمبادئ ومقاصد ميثاق وقرارات الأممالمتحدة، والجهود الرامية الى وضع اتفاق دولي لمكافحة الارهاب"، مؤكداً ما يدعو اليه الاسلام من مبادئ سمحة ونبذ لكل اشكال العنف والارهاب ورفضه محاولة إلصاق تهمة الارهاب بالعرب والمسلمين، وتضمن الاعلان استنكاراً ل"المضايقات التي يلقاها بعض الرعايا العرب والمسلمين في بعض الدول والتي تتعارض مع قواعد القانون وحقوق الانسان". كما صدر عن المجلس بيان في شأن تأييد صمود الشعب الفلسطيني ونضاله تضمن "قلقاً بالغاً واستياء كبيراً من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على ايدي القوات الاسرائىلية المحتلة واعتبار ان الارهاب الاسرائىلي القائم على اعمال الاغتيال والهدم والتدمير والتخريب، إضافة الى استمرار سياسة الحصار والاستيطان في الاراضي المحتلة يهدف الى فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني". واذ أشاد البيان "باعتزاز كبير بصمود الشعب الفلسطيني ونضاله في مواجهة قوات الاحتلال الاسرائىلي من اجل حصوله على حقوقه المشروعة، واكباره واجلاله لأرواح شهداء فلسطين الذين سقطوا دفاعاً عن حقوقهم المشروعة"، أدان بشدة "العدوان الاسرائىلي على الشعب الفلسطيني والمتمثل في اعمال الابادة والمجازر والتهجير والتجويع والتدمير والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني والرئىس ياسر عرفات وغيرها من الممارسات غير المشروعة". وأكد استمرار دعمهما "سياسياً ومادياً ومعنوياً في مواجهة الاحتلال الاسرائىلي ودعوة المجتمع الدولي والأممالمتحدة الى التدخل الفوري لوقف العدوان الاسرائىلي على الشعب الفلسطيني وضمان حصوله على حقوقه المشروعة وفي مقدمها حقه في العودة واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف". ووزع في وقت لاحق بيان صادر عن الأمانة العامة للمجلس اشار الى اقرار توصيات المؤتمرات والاجتماعات التي نظمتها الأمانة العامة خلال العام الماضي. وأقر المجلس دعوة الدول الاعضاء الى دعم الشرطة الفلسطينية ومساعدتها في شكل ثنائي. ووجه المجلس برقية الى رئىس الجمهورية اللبناني اميل لحود اعتبر فيها "ان صمود الشعب اللبناني ونضاله وتضحياته ستحقق له دحر العدوان وتحرير مزارع شبعا وكذلك تحرير المعتقلين اللبنانيين المسجونين ظلماً في سجون العدو الاسرائىلي". ورداً على سؤال يتعلق بتعاطي الدول العربية مع المجموعات الاسلامية المسلحة الموجودة لديها قال المر في المؤتمر الصحافي: "لا توجد مجموعات اسلامية، هناك مجموعات مسلحة من كل الاديان في كل العالم، وكما في الدول العربية هناك اناس شاذون عن القانون في كل الدول". وقال: "عندما كان لبنان يضرب الارهاب مع بعض الدول العربية كسورية وغيرها كانت هذه الدول تتهمنا بأننا ضد حقوق الانسان، والمطلوب اليوم منا ان نتعاطى مع هذا الموضوع، واذا نظرنا الى القوانين التي تطبق اليوم في اميركا ونطبقها في لبنان تتهموننا بتحويل البلد الى ديكتاتورية". وكان لحود التقى وزراء الداخلية الى مائدة العشاء، اول من امس وأكد لهم ان لبنان كان وسيبقى بلد التلاقي العربي وتعزيز التضامن في وجه التحديات، ومنح الأمير نايف وسام الاستحقاق اللبناني من درجة الوشاح الأكبر تقديراً لعطاءاته. وقدم الأمير نايف للحود سيفاً مذهباً ورشاشاً حربياً من صنع سعودي قائلاً: انهما "للدفاع عن الحق".