كان لحام حديد وأصبح اليوم مغنياً مشهوراً وأحد أبرز رموز ظاهرة فن الراي وانتشاره أوروبياً وعربياً وعالمياً. ويستعد للظهور في كليب غنائي مع كاظم الساهر أو سميرة سعيد. انه الشاب مامي الذي التقته "الحياة" عشية احيائه حفلة الذكرى العشرين لانطلاقته الفنية في قاعة "بارسي" الباريسية الشهيرة أمام جمهور واسع. وتأكيداً لتجاوز الحساسيات الفنية والشخصية المعروفة في الوسط الذي ينتمي اليه، لم يشر مامي ولو مرة واحدة الى منافسه خالد الشاب وأجاب عن الأسئلة الموجهة اليه بديبلوماسية وبصراحة ملتزماً العهد الذي قطعه على نفسه بألاّ يتحدث عن حياته الخاصة الا في حدود التعريف بنفسه وبأصوله. أنت اليوم من أشهر الفنانين الغنائيين الجزائريين والعرب في فرنسا، وحتى في العالم بعد ظهورك في كليب ثنائي مع الفنان العالمي ستينغ. هل كنت تتوقع هذه الشهرة انطلاقاً من ثقة مطلقة في امكاناتك الفنية في مقدمها صوتك المتميز أم تعيش حلماً لم تكن تنتظر تحقيقه؟ - لا هذا ولا ذاك. لم أكن أنتظر هذه الشهرة بحكم تجاوزها الحدود المتوقعة في وقت وجيز، سواء تعلق الأمر بفرنسا البلد الذي أقيم فيه منذ مغادرتي الجزائر أم بأوروبا والعالم في وجه عام وبخاصة بعد الحفلة التي اقمتها مع ستينغ في نيويورك. هذه الشهرة التي لم أكن أنتظرها لم تعد تدهشني اليوم لأنني أدركت حجم العمل الذي قمت به لتحقيقها، ولقد فعلت المستحيل من أجلها وهي ثمرة عوامل موضوعية عدة تتوافر في الفنان الموهوب أولاً وقبل كل شيء، وأقول هذا الكلام بتواضع، مؤكداً أن نجاحي ليس استثناء في الحياة، وشروطه هي قاعدة عامة في الميادين الفنية وغير الفنية. ان الشهرة التي حولتني الى فنان عالمي هي نتاج 20 عاماً من الكد والجد على الصعد كافة. الى أي حد نستطيع القول ان الغربة هي الثمن الذي دفعته نفسياً، علماً انك أكثر الفنانين الجزائريين ارتباطاً بالوطن الغارق في أعماقك كما تدل الى ذلك بعض أغانيك وزيارتك الأخيرة لباب الواد وتبرعك بالمال لمساعدة منكوبي الكارثة الطبيعية؟ - لا أستطيع القول ان الغربة أثرت عليّ سلبياً لأنني لم أنقطع عن الجزائر نهائياً وأنا على اتصال دائم بأهلي وقضيت عيد الفطر أخيراً مع عائلتي. ان الغربة تؤثر في الأعوام الأولى من الهجرة ولا تلبث أن تضحي شيئاً عادياً مع مرور الوقت، وكما ذكرت أنا لم أنقطع عن الجزائر وأعيش على وقعها بشكل أو بآخر. ألح وأطرح قضية الشهرة من جديد. هل تشعر بضغطها الذي يمكن ان ينعكس عليك سلبياً في علاقتك بالناس الذين عرفتهم قبل تحول حياتك وتغيرها مادياً واجتماعياً؟ - الجانب الوحيد الذي كان من شأنه أن يؤثر علي - كما حدث مع بعض الفنانين، عرباً كانوا أم أجانب - هو الخلط بين حياتي الخاصة وحياتي الفنية المهنية، وأنا شخصياً كنت وما زلت وسأبقى حذراً لذلك وأرفض أن تكون حياتي الخاصة حقاً مكتسباً لجمهوري الفني. ولهذا لا نعرف شيئاً عن موقع المرأة وأهميتها في حياتك... أليس كذلك؟ - ابتسم قبل ان يجيب: ... لا... لا... تحاول. سبق لخالد ان تألق قبلك في باريس، وأتذكر انه كان قبل وقت قصير ضيف كل القنوات التلفزيونية الفرنسية واليوم هو غائب بعد ان عرف الشهرة التي ما زلت تتذوق طعمها. ألا تخشى ان يحدث لك الشيء نفسه؟ - لا شك في أن لكل فرد شخصيته، ومن الطبيعي أن تؤثر بشكل أو بآخر على الفنان كما هو الحال في الحياة الخاصة وأنا لا أعمل استناداً لما يقوم به هذا الفنان أو ذاك. لكن يمكن ان يسمح الظرف باستيعاب سلبيات تجربة الزملاء؟ - أنا أستوعب ما أقوم به وأحاول الافادة من تجاربي ومن أخطائي. وما تسبب في الحاق الضرر بهذا الفنان أو ذاك لا يضرني حتماً وهنا تلعب الشخصية دورها في حياة الفنان. ألا تعتقد ان كل مغنّي الراي وقعوا في فخ السهولة على مستوى الكلمة بدعوى ان الراي مرادف لحياة اجتماعية يومية تنقل كما هي من دون الاجتهاد في المضمون وتنويعه بهدف تجاوز موضوعة تقليدية خلافاً لما حدث على الصعيد الموسيقي؟ - أنا شخصياً لا أشعر بأنني وقعت في السهولة كما تقول، وأنت تعرف ان الراي يتميز بمضمونه الدارج المعبر عن حياة سوسيولوجية متميزة وعن نوع فني عريق عرفته منطقة الغرب الجزائري. وتاريخياً انفرد الراي بالمضمون العاطفي وبالتمرد الأمر الذي أكسبه هوية أصيلة. لماذا لم تحاول ان تقوم بتجربة غنائية عربية توسع من رقعة شهرتك كما فعل بعض المطربين العرب، علماً ان صوتك قادر على التكيف - ان جاز التعبير - مع نوعية غنائية وموسيقية أخرى؟ من ناحية أخرى يمكن لمثل هذه التجربة ان تربط الفن الجزائري بالعالم العربي والإسلامي في شكل غير مسبوق؟ - أولاً يجب ان تعرف انه بفضل البومي الأخير دلالي احتل المرتبة الأولى في قائمة المطربين في معظم البلدان العربية على رغم عائق اللغة كما يقول البعض. وأنا شخصياً سعيد جداً بهذا الأمر، والدليل ان الفكرة التي طرحتموها صحيحة وسأشرع قريباً في تنفيذ مشروع غنائي ثنائي مع كاظم الساهر أو سميرة سعيد ويسرني أن تنفرد "الحياة" بهذا السبق. قلت انك لا تحلم بنجاح آخر بعد كل ما حققته. ماذا تقول إذا تصورتك تشق شهرة جديدة مغنياً بلغات أجنبية يبررها دفء صوتك كما حدث مع خوليو ايغليزياس وديميس روسوس وأنا أراك جيداً تغني باللغتين الاسبانية والايطالية، ولم لا باللغة الانكليزية تعميقاً لتجربتك مع ستينغ. فما رأيك؟ - لا أفكر في ذلك الآن،. لكن بعد نجاح الأغنية التي كتبها لي باللغة الفرنسية الفنان الكبير شارل ازنافور جاءتني فكرة الغناء باللغة الانكليزية وأعتقد ان ذلك سيتحقق يوماً. أما الغناء باللغات الأخرى فما زال أمراً مستبعداً. أخيراً ما الذي تتأسف له في حياتك الفنية وسبق ان شكل عائقاً في وجهك بطريقة أو بأخرى؟ - هذا السؤال يذكرني بالخدمة العسكرية، التي مهما بلغت درجة سلبياتها، نحتفظ دائماً بذكرياتها الجميلة، وأنا بطبعي انظر الى الحياة من جانبها الأبيض والعودة الى الوراء لا تضيف شيئاً. ما هو اسمك الحقيقي؟ - خليفاتي محمد. وعمرك؟ - 35 عاماً... من هو مامي غير الفنان؟ - انا انسان ككل الناس.