"البحث عن الحقيقة يفوق الثأر أهمية"، هذا ما يستخلصه من يجول في شوارع مخيمي صبرا وشاتيلا أمس. "لو لم يمت حبيقة لكان أدلى بالحقائق"، جملة سمعناها مراراً أينما جلنا من الحي الغربي في صبرا المجاور للمدينة الرياضية في بيروت حتى شاتيلا. أبناء المخيمين لا يحبون الوزير السابق إيلي حبيقة، صور المجزرة، كما يقولون، لا تزال حاضرة في أذهانهم، لكنهم منذ قدم بعض ضحاياها شكوى ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون أمام القضاء البلجيكي استعادوا الأمل بمعرفة هويات كل المتورطين في المجزرة. فلسطينيون ولبنانيون في المخيم كانوا أمس حلقات، يتحدثون بأسف عن وفاته قبل أن يكشف الحقيقة ويمثل أمام القضاء، لكنهم لا ينفون أبداً "مسؤوليته في تنفيذ المجزرة". جميلة شحادة ناشطة في جمعية بيت أبناء أطفال الصمود التي تتكفل بعض أبناء شهداء المجزرة قالت: "سكان المخيم ليسوا سعداء بموت حبيقة، فالتحقيق جار والبلجيكيون يبحثون عن الحقيقة، وموته سيعوق هذا الأمر". وتضيف "الكل يؤكد أن الموساد الإسرائيلي دبّر مقتله". أهالي الضحايا كانوا الأكثر حزناً، إذا صح التعبير، هم يشددون على أنهم لا يحبون إيلي حبيقة، وأنهم كانوا يتمنّون أن يحاكم، "ليعامل كمجرم حرب كما ميلوشيفيتش"، قال محمد أبو ردينه الذي فقد 16 من ذويه في المجزرة. وأضاف: "قتلوه لئلا يبوح بالحقيقة ويعلن أسماء كل المخططين والمتورطين في المجزرة، لقد قتله شارون لئلا يكشف حقيقة مسؤوليته عن مقتل أهلنا"، ويذكر محمد وصديقه محمد سرور: "كنا ننتظر جلسة المحكمة البلجيكية بعد يومين، لماذا قتل الآن؟". الأسف الذي يبديه أهالي الضحايا، يتحول شعوراً بالمرارة لدى أهالي المفقودين. وليد شقيق بهيجة ذرين اختطف خلال المجزرة، كان يبلغ من العمر 22 عاماً، ترفض شقيقته فرضية موته "إنهم أي الإسرائيليين يعتقلونه حتماً". هي تسأل عنه منذ وقوع المجزرة، ولم تيأس، وتقول: "ان الأمل كان كبيراً بأن تظهر الحقيقة، أنا أكره حبيقة، وكان من المفروض أن يُعاقب، لكنهم قتلوه قبل أن ينطق بالحقيقة التي كانت ستقودنا حتماً إلى معرفة مصير أخي".