استبعد المحامي البلجيكي لوك فيرهاغ الذي يمثل، الى جانب المحامي اللبناني شبلي الملاط، اهالي ضحايا مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا في الدعوى التي قدمت الى القضاء في بلجيكا، ان تصدر سريعاً مذكرات اعتقال بحق أبرز المتورطين في المجزرة. وقال فيرهاغ خلال مؤتمر صحافي عقده والملاط في مركز الصحافة الأجنبية في باريس بدعوة من نادي الصحافة العربية، ان التحقيقات في بلجيكا سرية و"لسنا مطلعين على سيرها، فالقاضي تسلم شكوانا وهي شكوى مفصلة ومدعمة بملف واسع، وهو يتولى درسها حالياً". وأوضح ان الشكوى ليست ضد رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون، بل هي مبنية على ما حصل في مخيمي صبرا وشاتيلا خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان سنة 1982 وتشمل جميع المسؤولين عن ذلك. واضاف ان هذا لا يعني انها شكوى ضد مجهول بل وردت في اطارها اسماء أشخاص ممن كانوا في موقع المسؤولية في تلك الفترة ومنهم شارون وقائد العمليات العسكرية الاسرائيلية في بيروت أموس ياردن، لكن أمر تحديد المتهمين من اسرائيليين أو لبنانيين يعود الى القضاء. وأشار الى أن بلجيكا اعتمدت سنة 1993 القانون الذي يخول القضاء لديها محاكمة أي متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق حقوق الانسان انطلاقاً من بعد أخلاقي وبعد قضائي وآخر تاريخي. وتابع انه من الناحية الأخلاقية، ليس في وسع العديد من البلجيكيين القبول بمجيء أشخاص ارتكبوا مجازر في الخارج الى بلادهم والتنقل بأمان وتسيير أعمالهم على أراضيها. أما من الناحية التاريخية، فقال فيرهاغ ان جميع الذين ارتكبوا جرائم ومجازر في الماضي استفادوا من حصانة حالت دون معاقبتهم على جرائمهم وأن الوقت حان للكف عن ذلك. وقال ان البعد القضائي مفاده ان لا مكان هنا لتسويات ديبلوماسية، فالقضاء لا يمحي جرما بمجرد تشبيهه بجرم آخر، فكل جرم هو مسؤولية مرتكبه. وذكر ان بلجيكا تشهد ضغوطاً من أوساط حكومية وحزبية لتعديل قانون سنة 1993، لكنه حتى إذا عدل يبقى هناك القانون العرفي الدولي الذي يجيز محاكمة مجرمي الحرب والذي يمكن القضاء البلجيكي الاستناد اليه. وقال الملاط من جانبه ان ملف الشكوى الذي يقدم الى القضاء شديد التفصيل وانه حصيلة عمل دؤوب واستقصاءات دقيقة استمرت نحو خمسة أشهر. وأشار الى ان المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير السابق ايلي حبيقة والبرنامج التلفزيوني الذي شارك فيه يشكل تطوراً بارزاً، لكنه رفض التكهن بدوافع خطوته، مكتفياً بالقول ان حبيقة "يعتبر انه بريء وان أمامه للمرة الأولى فرصة لغسل اسمه أمام هيئة محايدة ونزيهة". وتطرق الملاط الى نتائج التحقيق الذي اجرته لجنة "كاهان" عقب مجزرة صبرا وشاتيلا بالقول ان اللجنة خلصت الى أن شارون "يتحمل مسؤولية شخصية عن المجزرة"، وذلك بخلاف ما تردده أوساطه وبعض وسائل الاعلام من أنه "يتحمل مسؤولية غير مباشرة". ورأى ان الاهتمام الدولي الذي يواكب الشكوى التي جعلت شارون يتجنب زيارة بروكسيل أخيراً، يظهر وجود حاجة شاملة في العالم لعدالة دولية، مؤكداً ضرورة تعزيز هذه العدالة بتشريع دولي للتعامل مع مرتكبي جرائم حرب.