ما تزال صناعة البرمجيات في سورية تعاني من معوقات كثيرة تحول دون تطورها على رغم توافر الكفايات الهندسية والفنية العالية القادرة على النهوض بهذه الصناعة. ومع بداية العام 2002 والحديث عن مشاريع عدة تتعلق بتطوير منظومة معلوماتية وجامعة افتراضية عبر الانترنت والمشروع الوطني الدائم للانترنت، بدأ النقاش يتزايد على واقع صناعة البرمجيات في سورية وامكان تطويرها لتأخذ مكانها بين الصناعات البرمجية العربية. ومن مقومات قيام هذه الصناعة في سورية وجود الكفايات الهندسية والفنية العالية التي يعمل بعضها الآن في شركات أجنبية أو شركات عربية لها مكاتب في دمشق مثل شركة BFI التونسية التي يعمل لديها عشرون مبرمجاً سورياً، إضافة الى تشجيع الدولة الدائم لهذه الصناعة من خلال خفض الرسوم على المكاتب التي تعمل على انتاج البرمجيات واعتبار نشاطها فكرياً وليس تجارياً. وفيما أنشئت شركات صغيرة للبرمجة على يد مبرمجين شبان بمبالغ استثمارية متواضعة، ما يزال المستثمرون يعزفون عن الدخول في هذا القطاع لأسباب كثيرة منها حداثة عهدهم بالكومبيوتر والضريبة المالية المفروضة على البرمجيات وتتراوح بين 32 و40 في المئة ما يؤدي الى عدم تحقيق جدوى اقتصادية لمشاريع الاستثمار في هذا المجال. وتضاف الى ذلك مشكلات التسويق والتصدير لعدم وجود الشركات المختصة وعدم قدرة البرمجيات المنتجة على المنافسة في الأسواق المحلية والأجنبية. بدأت بعض الشركات المحلية بالاستثمار في تجميع أجهزة الكومبيوتر، ورخِّص لشركات انتاج الأقراص المضغوطة والليزرية بعد ان كان تجميع الأجهزة مقتصراً على جهود فردية، وكان الربح عند بيع جهاز الكومبيوتر المجمع لا يتجاوز 10 في المئة أو أقل في ظل المنافسة. وعن المعوقات التي تواجه صناعة البرمجيات في سورية يقول المهندس عامر الزين: "على رغم صدور قانون حماية الملكية الفكرية أخيراً ما تزال الشكوك تدور حول امكان تطبيق حماية البرمجيات إذ ما زال البعض يؤيد، والبعض الآخر يعارض، فالحماية حق من حقوق المبرمج لكنها في الوقت نفسه تؤدي الى صعوبة الحصول على البرامج والى ارتفاع أسعارها". ويشرح الشاب فؤاد بكرلي واقع المبرمجين السوريين وخفض أجورهم: "تعدد الشركات الصغيرة وقلة الوعي بأهمية البرمجيات خفض أسعار انتاج البرامج، وقد يصل راتب المبرمج الى خمسة آلاف ليرة سورية 100 دولار في الشهر لكثرة الشركات والعروض المنافسة". ونظراً الى كثافة المبرمجين بدأت سوق البرمجيات تمتلئ بالمبرمجين غير المختصين وذلك لعدم الحاجة الى رخصة العمل في هذا المجال أولاً، ولتوافر لغات البرمجة بأسعار زهيدة في الأسواق ثانياً. فسعر القرص المضغوط المقرصن الذي يحتوي اللغات البرمجية كلها لا يتجاوز سعره خمسين ليرة سورية دولاراً واحداً. وهذا أدى الى عمل أي شخص في هذا المجال من دون الحاجة الى شركة أو ترخيص. ويرى المهندس عبود علي ان "سعي الشركات الصغيرة وراء انتاج برامج محاسبة سريعة الربح جعل أكثر البرامج نجاحاً وشهرة تحتوي على أخطاء تعبر عن خفض مستوى المبرمجين، كأخطاء حفظ البيانات". ضعف الانترنت سورياً وعن موضوع البرمجة على الانترنت يقول المهندس عبود: "يعود خفض مستوى البرامج على الانترنت في سورية الى ندرة الكفاية المناسبة أولاً، وعدم توافر بعض الامكانات على شبكة الانترنت المحلية السورية مثل خدمة FTP بروتوكول نقل الملفات. هذا إضافة الى ان عدم تطور المصارف السورية لا إمكان للدفع عبر الانترنت بالبطاقات المصرفية أدى الى عدم انشاء مواقع للبيع والشراء على الانترنت". وفيما لا يتجاوز عدد المشتركين في خدمة الانترنت في سورية ال30 ألف مشترك، تتوقع مصادر في مؤسسة الاتصالات تنفيذ المشروع الوطني الدائم للانترنت في النصف الثاني من العام 2002.