اعلنت الحكومة السودانية امس انها "لن تسمح لاي دولة معادية" لها بأن تكون طرفاً في فريق الرقابة على اتفاقها مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" وقف اطلاق النار في جبال النوبة وسط البلاد لمدة ستة اشهر قابلة للتمديد، فيما تباينت مواقف القوى السياسية من الاتفاق. ونفى مستشار الرئيس السوداني لشؤون السلام الدكتور غازي صلاح الدين بشدة ان تكون حكومته وقعت الاتفاق الذي رعته سويسراوالولاياتالمتحدة تحت ضغوط اميركية. ووصف الاتفاق الذي وقع اول من امس ويبدأ سريانه غداً، بأنه "غير مسبوق ونقلة نوعية في مساعي السلام". وقال صلاح الدين للصحافيين امس: "لم توقع حركة التمرد اتفاقاً مثل هذا منذ نشأتها العام 1983. وهو اتفاق مشهود ومراقب بما يضمن تنفيذه على ارض الواقع". واعرب عن امله بأن "يخلق مناخاً جديداً يدفع البلاد نحو السلام النهائي". واوضح ان الرقابة الدولية على وقف النار لا تعني مطلقاً هيئة دولية او قوات، وانما آلية محددة الاختصاصات تتألف من طرفي الاتفاق وطرف ثالث يوافق عليه الطرفان، وذكر ان الدول التي اقترحتها الخرطوم للمشاركة في المراقبة ليس بينها الولاياتالمتحدة، مشدداً على ان الحكومة السودانية "لن تسمح لأي دولة معادية بأن تكون طرفاً في فريق الرقابة" الذي يضم 15 شخصاً. واعتبر صلاح الدين الاتفاق حلاً جزئياً لمشكلة الحرب رغم تجاهله للاوضاع في جنوب السودان. وقال: "ما تحقق يلبي جزئياً مطالب الحكومة، وسيمكنها من حماية المنشآت النفطية في المنطقة، ويخفف من كلفة العمل العسكري ويسمح بحرية حركة المواطنين، كما انه لا يمثل تنازلاً عن مبدأ جوهري". كذلك رحب رئيس الوزراء السابق زعيم حزب الامة المعارض الصادق المهدي بالاتفاق، داعياً الطرفين الى "التزامه لبناء الثقة والانتقال الى الخطوة التالية وهي الوقف الشامل للنار والتفاوض من اجل الحل السياسي الشامل في اطار قومي". وطالب بمشاركة "كل القوى السياسية الحية في الاتفاقات المقبلة حتى تحظى بالدعم القومي". وتحفظ حزب المؤتمر الوطني الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي عن الاتفاق. وقال مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب ابراهيم السنوسي ان حزبه يرحب بوقف النار، لكنه يأخذ على الحكومة "نهجها السري وقبولها شروط الحركة الشعبية". واكد رفضه لاقرار الخرطوم ممارسة الرق في جبال النوبة والقبول بمراقبين دوليين لان ذلك من شأنه "زعزعة الثقة وتمزيق النسيج الاجتماعي". ويرى مراقبون في الخرطوم ان اتفاق سويسرا خطوة مهمة نحو انهاء الحرب الاهلية في السودان التي امتدت منذ العام 1983، على رغم انه يعالج قضية جبال النوبة في وسط البلاد وليس مشكلة الجنوب. ويعتقدون بأن وساطة الولاياتالمتحدة وممارستها ضغوطا على طرفي النزاع كانتا عاملاً حاسماً، بعدما تفاوض الجانبان حوالى 12 عاماً من دون احراز اي تقدم. واعتبر المراقبون ان الاتفاق يمثل الخطوة الاولى في سياسة المبعوث الرئاسي الاميركي الى السودان جون دانفورث، التي اطلق عليها سياسة "الخطوة خطوة"، وان الشهور الستة المقبلة تمثل اختباراً حقيقياً للطرفين اللذين يسعيان الى كسب ود واشنطن وتعزيز علاقاتهما معها وتجنب معارضتها وتقويض وساطتها.