رفضت ايران لغة "الاملاءات" الاميركية -البريطانية في شأن مكافحة الارهاب. ووصف الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني الذي يرأس مجلس تشخيص مصلحة النظام مواقف الرئيس الاميركي جورج بوش تجاه ايران بأنها تفتقد الى "الأدب"، مشدداً على ان "التهديدات" الاميركية لا تجدي مع "شعب ايران الثوري". أعلن الرئيس الايراني السابق هاشمي رفسنجاني عدم اكتراث بلاده بلغة "التهديد والوعيد والارهاب" التي تمارسها واشنطن بالتزامن مع "تجييش الجيوش التابعة لها"، ومع الضغوط التي تمارسها على الدول العربية والاسلامية. واعتبر في خطبة صلاة الجمعة في طهران امس، ان هذه الممارسات "الاميركية والبريطانية" لا تجدي نفعاً مع ايران. وجاء ذلك في معرض رده على الحملة السياسية الاحدث من نوعها ضد ايران والتي شنها بوش الذي اتهم طهران بإيواء اعضاء من تنظيم "القاعدة" التابع لأسامة بن لادن، الفارين من أفغانستان، وحذرها من عرقلة عمل حكومة حميد كارازي الموقتة في كابول. وجاء رد رفسنجاني غداة مسارعة الخارجية الايرانية عبر الناطق باسمها حميد رضا آصفي الى وصف هذه الادعاءات بأنها "لا تفتقد الى أي دليل، ولا أساس لها من الصحة". وذكر آصفي بان ايران "سارعت ومنذ بداية الأزمة الحالية في أفغانسان اي بعد احداث 11 أيلول سبتمبر الماضي، الى اقفال حدودها في شكل كامل منعاً لتسلل أعضاء من القاعدة الى ايران من أفغانستان". قلق ايراني ولم تخف الأوساط الايرانية امس، قلقها من التحرك الاميركي في أفغانستان ومن مرحلة ما بعد افغانستان، ورأت ان واشنطن تريد إخضاع الدول العربية والاسلامية وذلك بالتعاون مع اسرائيل. وانتقد رفسنجاني سكوت الكثير من زعماء الدول العربية والاسلامية عن الأعمال القمعية التي تمارسها حكومة آرييل شارون ضد الفلسطينيين. وأكد ان الأميركيين "يقومون بعمليات ابتزاز ثم يمارسون التهديد"، معتبراً ان ذلك "مجد مع اولئك الذين يعتريهم الخوف ولكن ليس مع ايران وشعبها الثوري الذي خبرتموه مرات عدة". وقال مخاطباً الاميركيين: "شهدتم ان توجيه مثل هذا التهديد الى الايرانيين له مفعول عكسي تماماً". واضاف: "بالامس خاطب الرئيس الاميركي ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير ايران قائلين ان عليها القيام بهذا الامر او ذاك"، وتساءل: "كيف تسمحان لنفسيكما بالحديث بهذا الاستهتار عن شعب ثوري؟". تصعيد للضغوط ورأى محللون في طهران ان مواقف بوش الأخيرة تعتبر بمثابة تصعيد للضغوط السياسية الاميركية ضد ايران تحت ستار التطورات الأفغانية، ولكن لأهداف أخرى، يتمثل جوهرها في موقف ايران الداعم لحزب الله اللبناني ولقوى المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي. وربطت مصادر ايرانية بين مواقف الرئيس بوش التصعيدية، والمواقف الاسرائيلية التصعيدية أيضاً ضد ايران، ومن أبرزها قيام تل أبيب بإيفاد وزير خارجيتها شيمون بيريز الى الهند أخيراً حيث أطلق تصريحات وصفت بأنها استفزازية ضد ايران ودعا الأخيرة الى الشعور بالقلق من تعاون اسرائيل والهند". ويضاف الى ذلك، قيام الحكومة الاسرائيلية بتوجيه أصابع الاتهام نحو طهران بالضلوع في قضية سفينة الأسلحة التي صادرتها البحرية الاسرائيلية أخيراً في البحر الأحمر، وكلها مؤشرات الى أن الضغط الاميركي -الاسرائيلي -البريطاني دخل مرحلة جديدة ضد ايران وسط تضارب مواقف هذه الأطراف من النظرة الى الارهاب اذ تتهم طهران الحكومة الاسرائيلية بممارسة الارهاب الحكومي. الاستخبارات الاميركية وفي الوقت نفسه، نقلت تقارير عن اجهزة استخبارات اميركية ان عدداً من اعضاء "القاعدة" نجحوا في اللجوء الى ايران، فيما رأى محللون اميركيون ان هؤلاء قد لا يكونوا في ايران بموافقة رسمية. لكنهم اضافوا ان المشكلة تظل قائمة لانه في حال العثور على مخبأ لاعضاء "القاعدة" في ايران فان الحكومة الايرانية سترفض تسليمهم الى بوش. وكانت العلاقات بين الجانبين شهدت تطوراً في اعقاب الحادي عشر من ايلول سبتمبر عندما اطلقت الولاياتالمتحدة اتصالات غير رسمية مع ايران من خلال سويسرا. وقال محللون ان هذه القناة ربما كانت بالغة الاهمية في تهدئة مخاوف ايران الامنية. ايران محاصرة وربما تشعر ايران كما لو كانت محاصرة بقوات مؤيدة للغرب مع وجود تركيا الدولة الاسلامية الوحيدة العضو في حلف شمال الاطلسي على حدودها الشمالية الغربية ووجود قواعد اميركية في اوزبكستان على حدودها الشمالية الشرقية، وقوات اميركية في افغانستان على حدودها الشرقية. وفي الوقت نفسه، تتهم مصادر الحكومة الجديدة في كابولايران بممارسة نفوذ في المناطق الافغانية القريبة من حدودها، وذلك لضمان مصالحها الاستراتيجية، عبر دعم قادة محليين اعربوا اكثر من مرة عن رفضهم الوجود الاجنبي في بلادهم. لكن طهران تعتقد ان الاتهامات الصادرة من كابول مردها تحالف الحكومة الجديدة مع الهند التي تسعى الى فتح قنوات اتصال بين اقطاب تحالف الشمال واسرائيل.