أكدت موسكو ان السلطات التركية أبلغت روسيا استعدادها لتسليم مولودي اودوغوف الذي يعد من ابرز قادة الجناح الراديكالي الشيشاني والذي كان نائباً لرئىس الوزراء ومسؤولاً عن الاعلام. ووصف ناطق باسم الكرملين الخطوة التركية بأنها "ايجابية للغاية" لكنه توقع ان يكون اودوغوف انتقل الى بلد خليجي. وكان اودوغوف 40 عاماً سكرتيراً صحافياً للرئىس الشيشاني الراحل جوهر دودايف ثم عين وزيراً للاعلام في حكومته وقاد ابان الحرب القوقازية الاولى حملة واسعة في الاعلام الروسي والعالمي اعتبرت في حينه واحداً من اسباب الهزيمة التي مني بها الجيش الفيديرالي في الشيشان. وأطلقت موسكو على اودوغوف لقب "غوبلز الشيشان" تشبيهاً له بوزير الاعلام الالماني في عهد ادولف هتلر. الا انها استقبلت اودوغوف رسمياً مفاوضاً عن الشيشانيين وتعاملت معه بوصفه نائباً لرئىس الوزراء اثناء توقيع معاهدة السلام. وإبان الانتخابات الرئاسية عام 1997 رشح اودوغوف نفسه منافساً لأصلان مسخادوف الذي قرر بعد فوزه تعيين خصمه نائباً اول لرئىس الحكومة التي قادها مرشح ثان للرئاسة هو شامل باسايف. بيد ان الخلافات سرعان ما دبت بين مسخادوف الموصوف بالاعتدال ومجموعة اودوغوف - باسايف اللذين استقالا من الحكومة وشكلا ما عرف ب"مجلس شورى الشيشان وداغستان" ودعيا الى تشكيل "دولة اسلامية" من الجمهوريتين القوقازيتين. وقاد باسايف مجموعات مسلحة شاركت في غزو اراضي داغستان وتولى اودوغوف التغطية الايديولوجية - الاعلامية للغزو بالتعاون مع الرئىس الشيشاني السابق سليم خان ياندربييف. وذكرت مصادر روسية ان اودوغوف تنقل بين تركيا والاردن وقطر والامارات لكنه انشأ مركزاً اعلامياً باسم "صوت القوقاز" في تركيا حيث توجد جالية شيشانية كبيرة ساعدت في اقامة اتصالات بين الحركات الراديكالية الشيشانية. وطلبت موسكو من انقرة نهاية الصيف الماضي تسليم اودوغوف بوصفه متهماً بتنظيم "عصيان مسلح" في الاراضي الداغستانية. الا ان الاتراك تجاهلوا الطلب في حينه. وبعد احداث 11 ايلول سبتمبر صعدت موسكو لهجة مطالبتها بوقف "النشاط الارهابي" وذكر ان واشنطن ربما ايدت هذه المطالب. وأعلنت موسكو امس ان اودوغوف زار كابول مطلع ايلول الماضي والتقى اسامة بن لادن مرات عدة. وفي ضوء ذلك اعلنت انقرة انها طلبت من موسكو الوثائق القانونية للنظر فيها والبت في احتمال تسليم اودوغوف. واعتبر الناطق باسم الكرملين سيرغي ياسترجيمبسكي الموقف التركي "ايجابياً للغاية" ودليلاً على ان تركيا تتصرف كدولة مجاورة و"شريك في مكافحة الارهاب الدولي". وأضاف: "ان عدد الدول التي يتحرك فيها الانفصاليون الشيشانيون بحرية اخذ يتناقص في الاشهر الاربعة الاخيرة". الا انه ذكر ان اودوغوف قد يكون غادر تركيا وقال: "ان لدى موسكو معلومات بأنه شوهد في احد البلدان الخليجية الصغيرة". ومعروف ان الرئيس السابق سليم خان ياندربييف كان كشف اخيراً وجوده في قطر وأدلى في الدوحة بتصريحات الى صحيفة روسية. وأشارت مصادر ديبلوماسية تحدثت اليها "الحياة" الى ان اودوغوف "ينسق" مع ياندربييف في تلميح الى مكان وجوده المحتمل. وأعلن مكتب الانتربول في روسيا ان محادثات في شأن تسليم اودوغوف الى روسيا ستبدأ مع اي بلد يكشف وجود الاخير فيه، وأضاف ان مذكرات اعتقال في حقه وزعت على عشرة بلدان. الا ان خبيراً في الشؤون القوقازية ابلغ "الحياة" ان اعتقال اودوغوف وسوقه الى المحاكمة قد لا يكون في مصلحة موسكو، اذ انه لم يشارك شخصياً في عمليات عسكرية، اضافة الى انه قد يستغل محاكمته لكشف الكثير من الاسرار. الا ان مطاردة اودوغوف يمكن ان تؤدي الى محاصرة النشاط الاعلامي والسياسي الشيشاني في الخارج، كما ان غياب واحد من القادة الراديكاليين قد يسهل مهمة التفاوض بين موسكو ومسخادوف الذي اعلن غير مرة استياءه من "المتطرفين" ومن اودوغوف شخصياً.