اجتذب الشعر الفارسي القديم منه والحديث اليه شعراء كباراً كما برزت في سمائه شاعرات، فهنالك شاعرات بزغ نجمهن في سماء ايران قبل الثورة الاسلامية من أمثال بروين اعتصامي وفروغ فرخزاد وغيرهن وهنالك من اشته اسمهن بعد الثورة امثال سيمين بهبهاني وفاطمة وسمقي وفاطمة راكعي وطاهرة صفار زاده. فهؤلاء الشاعرات لم يقل شعرهن عن كثير من الشعراء الرجال بما طرحن في شعرهن من معانٍ سامية ومفاهيم انسانية. وها هي صفار زاده الشاعرة المعروفة الايرانية المعاصرة برز اسمها بين الشعراء الايرانيين ليس فقط بعنوانها الاكاديمي، بل بأدبها وترجماتها وأشعارها ولست مغالياً اذا قلت بأن صفار زاده هي من اكبر الشعراء النساء اللاتي انجبتهن ايران. ولدت صفار زاده في سنة 1936 في مدينة سيرجان من اتباع كرمان في المنطقة الصحراوية في مركز ايران، بدأت صوغ الشعر وهي في الثانية عشرة من عمرها. في سنة 1962 وبعد ان انتشرت القطعة الشعرية الاولى لها في الصحيفة الجدارية للمدرسة، اشتهر اسمها وذاع صيتها بعد ان نشرت قطعتها الشعرية تحت عنوان "أبناء هذا القرن" في ديوانها الشعري الأول بعنوان "عابر تحت ظل القمر" تذكر فيها زوال الحضارة الغربية واضمحلالها. وبهذه الروح المتوقدة ضد الترعة العنصرية والاستعمار والهيمنة الاجنبية بشتى اشكالها أسهمت صافر زاده في استمرار شعر "المقاومة الاسلامية" واغنائه واستمراريته في ايران، وطبع لها حتى الآن تسعة دواوين مجموعة قصصية. وفي عام 1978 وقبل سنة من الثورة الاسلامية طبع لها ديوان تضمن منتخبات من اشعارها الجديدة والجسورة بعنوان "السفر الخامس" خرجت فيه عن القواعد القديمة المهيمنة على الشعر في بعديها الشكلي والمفهومي وطرحت فيه صوغاً شعرياً لمفاهيم جديدة، وبيعت في تلك السنة وفي خضم النهضة السياسية الاسلامية قبيل سقوط الشاه 30 ألف نسخة منه في ثلاث طبعات. الدكتورة صفار زاده كانت ولا تزال الشخصية المتنفذة والقوية في مجال الشعر والأدب والترجمة واصدرت كتابين عن فن الترجمة وكتاباً عن نظرية الترجمة وصححت 34 كتاباً جامعياً وألفت كتاباً بعنوان "ترجمة المفاهيم الاساسية للقرآن الكريم" باللغتين الفارسية والانكليزية. وآخر ما انتجته هذه المرأة الشاعرة والاديبة الاكاديمية هو ترجمة القرآن الكريم باللغتين الفارسية والانكليزية. في مقدمة ترجمتها للقرآن الكريم باللغة الانكليزية، اوضحت صفار زاده الاخطاء التي شاهدتها في التراجم الموجودة للقرآن الكريم باللغة الانكليزية وصنفت هذه الاخطاء بحسب التراجم الى قسمين: المترجَم من قبل غير المسلمين والمترجَم من قبل المسلمين. فغير المسلمين بحسب رأيها لم يستشرقوا معاني القرآن الكريم لافتقارهم الايمان بالاسلام لذلك فإنهم - كالمترجم آربري - تصدوا الى الصور البلاغية وكيفية الاداء والبيان ولم ينفذوا الى المعاني الدقيقة للآيات الكريمة. ولم يسلم المترجمون المسلمون من نقد الدكتورة صفار زاده في ترجماتهم للقرآن الكريم. فتقول صفار زاده: إن هذه التراجم تأثرت بكثير من التراجم الموجودة لغير المسلمين اذ حاولت اكثرها ان تكرر ما ترجمه المسلمون انفسهم وانها وقعت تحت وطأة الصيغ والكلمات والقواعد اللغوية القديمة للغة الانكليزية. والافادة من لغة الحوار اليومي في ترجمة القرآن الكريم والتي لا تعكس المعاني الدقيقة والعميقة للقرآن الكريم. وأكدت الدكتورة صفار زاده في مقدمتها هذه أنها لم تكرر ما وقع فيه المترجمون المسلمون وغيرهم من اخطاء مستفيدة كثيراً من التفاسير والآراء التي قيلت في شأن نزول الآيات المختلفة في ترجمتها للقرآن الكريم. إن ترجمتها للأسماء الحسنى للقرآن، التي تفتقر التراجم الاخرى غالباً الى ترجمة معاني هذا الكتاب. فعلى سبيل المثال فإن "واسع عليم" في الآيات رقم 115 و261 و248 من سورة البقرة لا يمكن ان تترجم في شكل واحد كما حاول المترجمون من امثال "آربري او بكتال او مير احمد علي او يوسف علي ان يترجموا هذه الاسماء. قدمت الشاعرة صفار زاده محاولة جديدة لترجمة معاني الكتاب ومفرداته فهي المرأة الايرانية الاولى التي حاولت ان تتحمل هذا العبء الكبير. والقارئ لهذه الترجمة سيقف على سعة معارف هذه الشاعرة الاكاديمية في اغنائها المكتبة الاسلامية بهذه الترجمة الدقيقة والمتقنة.