بولا يعقوبيان اعلامية ناجحة برزت بسرعة كمحاورة بارعة على الشاشة الصغيرة. بدأت العمل في الإعلام مذ كان عمرها 17 وعمرها اليوم 25 عاماً. تقدم بولا برنامجاً سياسياً على محطة "أم تي في"، وتستضيف شخصيات سياسية تحاورها في القضايا الراهنة، وتتميز يعقوبيان بسرعة بديهة وهي تحاور ضيوفها، ولا تتردد في طرق الأبواب الموصدة في أسئلتها، وهذا ما أعطاها مكانة لافتة في الاعلام المرئي. بولا فتاة طموحة تسعى دائماً لتطوير عملها نحو الأفضل، ومن يعرفها عن كثب يكتشف تلك الحيوية النابضة في شخصيتها. "أغلب ضيوفي من السياسيين، طموحي أن أُحاور صُنّاع القرار، وأنا أسعى دائماً لاستضافة زعماء المنطقة". بهذا الاعتراف بدأت بولا حديثها في جلسة هادئة في مقهى "الويمبي" قبيل سفرها الى أوروبا، وعلى رغم ضيق الوقت وسرعته، كانت بولا هادئة تتكلم بثقة وأمل. حاولت في حواري ان أدخل الى النواحي الاعلامية في شخصية بولا، وعلى رغم انها تحدثت عن طموحها الاعلامي، إلا ان مزايا أخرى برزت في شخصيتها، واكتشفت ان بولا فتاة مختلفة عن غيرها، لا تتشابه مع أحد، تختزن في داخلها كماً هائلاً من العذاب الجميل والأمل المفتوح على احتمالات كثيرة. فهي انسانة لا تدعي الشاعرية لكنها لا تستطيع اخفاء شاعريتها، وكم بدت هذه الشاعرية مُتجلية حين تحدثت عن الغياب، غياب والدها عن حياتها وهي في عمر مبكر. قالت بولا: "وفاة والدي كانت الضربة العنيفة التي تلقيتها إذ شعرت ان غيابه هو فقدان للركن الأساس في حياتي، الركن الذي كان يسندني ويحميني ويجهّزني للانطلاق، لكن موته جعلني في مواجهة قاسية مع الحياة". ماذا يعني لك الأب، وكيف كانت علاقتك بوالدك؟ - الأب هو الإنسان الكبير، الوارف على حياتنا، وهو بالنسبة إليّ المسافة التي تربطني بمعنى الأمل والسعادة. أما علاقتي بوالدي فكانت قائمة على المودة، وكنت أرى فيه سطوة الحياة وكل السعادة. كان صديقي الأول والملاذ الذي أغيب فيه لأحتمي من مفاجآت الحياة الصعبة. كنت صغيرة ولكني لم أشعر إلا بظلاله مجتمعة حولي، وأنا متأكدة أنه كان يعرف تماماً ما يجيش في ذاتي وشعوري، وربما كان يعرف أكثر مني بما أشعر. واليوم، بعد مسافة الغياب القائمة بيننا، أرى أكثر حقيقة الأب ودوره الفاعل في تكوين شخصيتي. ثمة حزن في نبرات صوتكِ، كأنك الآن فقدت والدك؟ - لا أستطيع تقبّل غيابه مع ان كل الوقائع والدلائل والوقائع تؤكد موته. لا أرى هذا الموت غياباً، أبي لا يغيب من حياتي، وفي كل خطوة من حياتي تكمن توجيهاته. انه الصورة الدائمة في أوقاتي. هل تعتبرين نفسك وحيدة؟ - لا أعيش هذا الشعور. كيف هي علاقتك بوالدتكِ؟ - أمي صديقتي، نعيش معاً في منزلنا، وهي تساعدني كثيراً. وهي الركن الآخر لي، وأرى فيها كل السلام الإنساني والعاطفي. بماذا تساعدك والدتك؟ - تساعدني بكل شيء، تساعدني في اعداد حلقاتي التلفزيونية. أمي امرأة مثقفة وأستفيد من ثقافتها كثيراً. بعدما دخلتِ عالم النجومية، هل تعتبرين نفسك محظوظة؟ - الحظ يأتي للجميع ولكن ما كل شخص يستطيع قطف حظه في هذه الحياة. أنا اعتبر نفسي محظوظة، الحياة أعطتني أكثر مما استحق. يمكنني القول انني انسانة سعيدة والفضل بذلك يعود الى الحياة الحرّة التي عشتها. قلت انكِ سعيدة، هل يعني ذلك انك بعيدة من الهموم؟ - لا هموم في حياتي، ولكني قلقة جداً أمام أمور كثيرة. ما الذي يقلقك؟ - أنا من أنصار الطبيعة وخائفة عليها من الكسارات والتلوث. أنا خائفة على المياه والطيور والأزهار. خوفي كبير على البيئة، أدعو الى انقاذ هذه البيئة لأجل ان يبقى وطني، لأن لبنان، قبل كل شيء، هو بيئة وطبيعة للإنسان، وليس ساحات لاحتواء صور هذا الزعيم أو ذاك، وطني ساحة للجمال يجب ان ينظف من كل قبح وتلوث. وطني من الكنوز الأثرية في العالم، أين هذه الآثار؟ لقد سرقوها ونهبوها. هل سعيت لعمل لمصلحة البيئة؟ - كل من يتحدث عن البيئة في هذه البلد يعتبرونه مجنوناً! ماذا تخبرينا عن علاقتك بالثقافة، وكيف تثقّفين نفسك؟ - أنا درست علوم سياسية. اعتبر نفسي هاوية ثقافة. اقرأ الروايات التاريخية والشعر الموزون. ولكن يبقى تركيزي على القراءات السياسية. هل تهتمين بالموسيقى؟ - درست خمس سنوات بيانو ولكني لم أتأقلم مع هذا الفن. أحب الموسيقى الكلاسيكية وأعمال السيدة فيروز. وأغنيات شارل ازنافور. كيف هي علاقتك بالرجل؟ - علاقة وطيدة وجيدة، ان كان صديقاً أو زميلاً، أحافظ دائماً على مسافة جميلة بيني وبين الرجل، حتى الذين يرفضوني ولا يحبوني، أترك مسافة بيني وبينهم من دون أن أكرههم أو ابتعد عنهم كلياً. ماذا عن الحب في حياتك؟ - كانت عندي علاقة حب وانتهت. ماذا يعني لك الحب؟ - الحب هو المشاركة التي تنتج الخير والجمال. انه من أسمى العلاقات الإنسانية في الوجود. هل تكرر الحب في حياتك أو سيتكرر؟ - حتى هذه اللحظة أنا خارج الحب، يعني ليست عندي علاقة عاطفية مع رجل. ألا يزعجك ذلك؟ - طبعاً. فتاة مثلي تجد صعوبة للوصول الى علاقة حب. لماذا؟ - لأنني أعيش في شخصيتين: شخصيتي العادية والشخصية الإعلامية، فهناك من يحب شخصيتي العادية ولا يحب شخصيتي الإعلامية والعكس بالعكس، وهذه مشكلة كبيرة في حياتي جعلتني، حتى الآن، أعيش بعيدة من الاستقرار العاطفي. هل تعتقدين ان اللااستقرار العاطفي سيدوم طويلاً في حياتك؟ - لا أتمنى ذلك. كيف تعوضين هذا الفراغ؟ - أُعوضه بالأصدقاء والأهل والطبيعة. هل يكفي هذا؟ - ماذا أفعل إذا كان هذا الفراغ يعطيني جرعة حزن. ألا تطمحين لتكوين عائلة؟ - أنا مصرّة على تكوين عائلة، ولكن الأمر يحتاج الى صبر وربما الى قتال! تضحك. بالعودة الى نشاطك الإعلامي، ماذا أعطتك تجربتك في الشاشة الصغيرة؟ - أعطتني المعرفة وقرّبتني من الواقع السياسي وعرّفتني الى أمور كثيرة كنت أتمنى معرفتها. هل قرّبتك التجربة من رجال السياسة أو أبعدتك؟ - قرّبت وأبعدت. هل قرّبتك من السياسة؟ - السياسة فن مهم جداً في هذه الحياة. ماذا تقولين في ختام هذا اللقاء؟ - أتمنى على اللبنانيين ان يتشبثوا بوطنهم، الهجرة ليست حلاً. أقول للبنانيين، لا تيأسوا، لا تغادروا، لا تهاجروا.