أفاق أهالي الاحياء الشمالية في القدسالمحتلة صباح امس على هدير الجرافات الاسرائيلية تحرسها فرق حرس الحدود والشرطة وهي تحفر شوارع صغيرة وأزقة ضيّقة وتغلق اخرى بسواتر ترابية ومكعبات اسمنتية. واتجهت الجرافات العملاقة بداية الى حيّ الزعيم الشرقي، خارج الحدود التي رسمتها البلدية الاسرائيلية للمدينة وحفرت خنادق بطول مئتي متر في الطرقات الضيّقة التي تقود الى حي الطور في القفس، كما أقامت عشرات السواتر الترابية في طرقات في منطقة راس خميس المجاورة لمستوطنة "بسغات زئيف" والتي ضمتها الحكومة الاسرائيلية لبلدية القدس. وفي الاحياء الشمالية أُقيمت عشرات السواتر الترابية على مداخل تربط المدينة بأحياء الرام وضاحية البريد المُصنّفة "باء"، حسب اتفاق اوسلو حيث السيادة مدنية فلسطينية وأمنية اسرائيلية. وأما الذريعة التي ساقها الاسرائيليون لإقامة تلك الحواجز وحفر تلك الخنادق فهي ان السيارات الفلسطينية تتسلل عبر هذه الأزقة الى القدس وتقلّ الاشخاص المُحمّلين بالقنابل والمتفجرات لتنفيذ هجمات، بعضها انتحاري في المدينة. وكان من المقرر ان يعلن الجيش الاسرائيلي عن خطة فصل القدس عن محيطها الفلسطيني في اطار مخطط اوسع يشمل اعلان "مناطق عازلة" الا ان رئاسة الاركان جمّدت الحديث عن ذلك بعد ان تسرّب للاعلام. غير ان تنفيذ الخطة بدأ فعلاً بحفر الخنادق وإقامة السواتر الترابية وانتشار عشرات الحواجز في شوارع القدس ومداخلها، وزوّد الجنود بآلات تصوير لرصد العابرين كافة والسيارات المارة. كما تقضي الخطة باعلان المناطق المحاذية للخط الأخضر خط التماس ولمدينة القدس مناطق عسكرية مغلقة لا يجوز عبورها من دون تصاريح مسبقة. وفي اطار المضايقات ايضاً تم اعتقال العاملين في الاجهزة الامنية الفلسطينية من بين المقدسيين ومعاقبة كل فلسطيني مقدسي يسكن الضفة الغربية بحرمانه من التأمين الصحي ومن مخصصات الاطفال، علماً ان مواطني المدينة يدفعون ضرائب وتأمينات توازي سبعة اضعاف ما يتلقونه من خدمات مقابلة. وفي بند لم تعلنه الخطة وتناقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية، فان سلطات تل ابيب تنوي ابعاد اي مقدسي تتهمه بالتحريض او استغلال منصبه للحض على مقاومة الاحتلال، وأسمت مفتي القدس الشيخ عكرمة صبري كهدف لسياسة كهذه. وقال وزير الدولة الفلسطيني لشؤون القدس زياد ابو زياد في تعقيب ل"الحياة": "بداية تثبت هذه الاجراءات ان القدس التي تحولت الى معسكر ليست جزءاً من اسرائيل او عاصمتها كما تتضمن الادعاءات، وثانياً ان حكومة شارون تتخبّط في اجراءاتها بعد فشل محاولاتها لكسر ارادة الفلسطينيين". واكد ابو زياد ان المقدسيين والفلسطينيين عامة سيفشلون المخطط الاحتلالي بكل الوسائل المتاحة ودعا فلسطينييالضفة الغربية الى تكثيف وجودهم في القدس ومؤسساتها الدينية والثقافية وفي اسواقها لافشال المخطط الاسرائيلي. وكانت اشاعات اسرائيلية تحدثت عن قرب فرض الجنسية الاسرائيلية على المقدسيين لحسم مستقبل المدينة بصورة قاطعة. ويرى أهالي القدس ان اسرائيل اتخذت من التفجيرات الأخيرة حجة لفرض خطتها الأمنية الجديدة وعزل المدينة تماماً وابقائها تحت رحمة حكم الامن والمخابرات الاسرائيلية لتنفرد بأهلها، اذ شهدت احياء عدة غارات ليلية وحملات اعتقال عشوائية بحثاً عن من تتهمهم السلطات الاسرائيلية بتسهيل عمل منفذي الهجمات الانتحارية ووضع العبوات الناسفة في الاسواق. واعلن الناطق باسم الشرطة الاسرائيلية اعتقال خلايا عدة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "التي تمكنت من خلق بنية تحتية قوية"، وأورد اسماء ستة من المعتقلين زرعوا عبوات ناسفة وفجروا قنبلة وضعت في بطيخة وسيارات مفخخة وهم: سامر عيسى، هلال محمد عودة، عزيز دنديس، عنان شحادة، ايهاب الوعري وفراس عويضة. واتهم هؤلاء ايضاً بأنهم خططوا لوضع سيارات مفخخة واختطاف جنود واطلاق النار على سيارات استيطانية في المدينة. وفي اطار التصعيد الميداني الاسرائيلي اطلقت خمسة صواريخ أرض - أرض على بيت حانون شمال غزة واستهدفت مباني تابعة لقوات أمن الرئاسة الفلسطينية القوة 17 والمخابرات ما أدى الى تدمير مبنيين كانت الكوادر الفلسطينية اخلتهما مسبقاً واصيب أحد المارة بجروح متوسطة.