تفجرت أزمة جديدة بين بغدادوالاممالمتحدة تزامنت مع تكثيف الطائرات الاميركية ضرباتها على مواقع في شمال العراق وجنوبه. اذ قررت السلطات العراقية طرد خمسة من موظفي المنظمة الدولية، يعملون في مجال الإغاثة، متهمة اياهم بالتجسس. وتحدت الحكومة العراقية رسالة لمساعد الأمين العام للمنظمة المسؤول عن برنامج "النفط للغذاء" بنون سيفان، طالب فيها بتقديم الأدلة على اتهامات التجسس، مستهجناً طرد الموظفين، وهم أربعة نيجيريين وبوسنية. وفي وقت لاحق اعلن وزير الخارجية العراقي ناجي صبري ان موظفاً هولندياً طرد الاسبوع الماضي. وكانت وكالة "رويترز" نقلت عن مسؤول في الخارجية العراقية ان بلاده تمتلك أدلة على تورط الموظفين الخمسة، واصفاً اياهم ب"جواسيس"، فيما لمح السفير العراقي لدى الاممالمتحدة محمد الدوري الى دور لأميركا وبريطانيا واسرائيل في دفع هؤلاء الى "المس بأمن" العراق. وقال الدوري ل"الحياة"، ان ابلاغ مجلس الأمن ما حصل وتحدي بغداد ان تقدم الأدلة "سيدفعنا الى طرح كل الأوراق على الطاولة، وعندها لن يكون الأمر في مصلحة الأممالمتحدة لأنها ستنكشف كما انكشفت لجنة اونسكوم ورئيسها ريتشارد بتلر". وبعثت وزارة الخارجية العراقية الاثنين بمذكرة الى مكتب منسق برنامج الاممالمتحدة، تشير الى اعتبار خمسة موظفين لدى المكتب "أشخاصاً غير مرغوب فيهم في العراق". واكدت قرار "عدم السماح لهم بالدخول لقيامهم بأعمال تمس أمن العراق وسلامته وتتنافى مع المهمات الموكلة اليهم". وطلبت المذكرة مغادرتهم في غضون 72 ساعة. وبعث سيفان برسالة الى الدوري أول من امس، تضمنت احتجاجاً على الاجراء العراقي باعتباره "يتعارض مع الاتفاقات الدولية". واكد انه طلب من النيجيريين الأربعة المغادرة "قلقاً على سلامتهم وأمنهم". ووصف الدوري هذا التبرير بأنه "ليس مقبولاً من سيفان أو من غيره"، لافتاً الى "حرص العراق على حماية أمن جميع العاملين فيه، التابعين للامم المتحدة". واكد امس ان رسالة عراقية في طريقها الى المنظمة الدولية "تبين ان موقف سيفان القانوني ليس صحيحاً، لجهة قوله انه لا يجوز للعراق القيام بإجراء الطرد". وزاد: "نعتمد في اجرائنا على قواعد القانون الدولي واتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية". ورد الدوري على مطالبة سيفان بغداد بتقديم الأدلة التي تدعم تهمة التجسس، وقال: "هذا أمر سيادي". واستدرك ان طرد الموظفين الخمسة "لا بد ان تكون وراءه أسباب جدية خطيرة، ونعرف رد فعل الاممالمتحدة، لكن رد الفعل الأكبر هو من الدول التي دفعت هؤلاء الموظفين للقيام بأعمال تمس الأمن الوطني" للعراق. واكد انه ليس مطلعاً على هوية هذه الدول، لكنه اضاف: "افترض انها لا تخرج عن اميركا واسرائيل، لأن هؤلاء يريدون المس بأمن العراق وسلامته ويمكن ان تكون لبريطانيا علاقة غير مباشرة". إلى ذلك. أشار سيفان في رسالته إلى أن الموظفة البوسنية المتهمة بالتجسس، ليليانة ميليتك، هي محللة بيانات، غادرت العراق قبل فترة وانتقلت إلى وظيفة أخرى. وأكد مكتب سيفان أن ميليتك غادرت بغداد العام الماضي. أما النيجيريون الأربعة فهم دنس نواجكو واوبيو لورنس وروبرت أونين ونينا اوشيجابا. وأبلغ سيفان مجلس الأمن التطورات. وكان مساعد منسق النشاطات الإنسانية للأمم المتحدة جون المستروم قال لوكالة "فرانس برس" في اتصال هاتفي من عمان ان اثنين من الموظفين كانا خارج العراق، وان ثلاثة غادروا بغداد الثلثاء. ونددت الخارجية البريطانية بقرار الحكومة العراقية، وقال ناطق باسم الوزارة إن "هذا الاجراء يؤكد أن النظام العراقي يهتم أساساً بالأساليب الدعائية ويعطيها الأولوية بدلاً من الاهتمام بشعبه، في وقت يتهم المجتمع الدولي بأنه لا يساعد هذا الشعب".