أحيط حي التلة الفرنسية الاستيطاني في الجزء الشرقي من مدينة القدس بحواجز عسكرية طيارة امتدت الى أحياء شعفاط وبيت حنينا والشيخ جراح ووادي الجوز المجاورة. وأوقف الجنود على تلك الحواجز السيارات والمارة الفلسطينيين واعتقلوا ثلاثين منهم، بعد أن هزت ثلاثة انفجارات ذلك الحي خلال اثنتي عشرة ساعة. فخلال ليل الاثنين وقع انفجاران، وصباح أمس انفجرت سيارة مفخخة في ميدان يطل عليه سوق تجاري كبير، ما أدى الى جرح خمسة اسرائيليين. وبعد دقائق انفجرت عبوة انبوبية وضعت في حافلة تابعة للبلدية الاسرائيلية للقدس فانفجرت لدى وصولها مستوطنة "غيلو" اليهودية جنوبالقدس ما أدى الى اصابة اثنين من الاسرائيليين الذين دبّ الهلع في صفوفهم بعدما انتظروا من اجراءات الاغلاق وتدابير الأمن المشددة ان تحول دون وصول العبوات الناسفة الى القدس. الا أن المدينة باتت منذ أسابيع محط تفجيرات فلسطينية فقد شهدت أكثر من ثمانية انفجارات خلال تلك المدة، استهدف أقواها مطعم "سبارو" وأسفر عن مقتل تسعة اسرائيليين. وتبنت الانفجارات الأربعة أمس كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واعدة بمزيد من عمليات الرد على العدوان الاسرائيلي. غير أن الناطق باسم الحكومة الاسرائيلية آفي بازنر، سارع الى تحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية التفجيرات وربط بينها وبين الأجواء السائدة في مؤتمر الأممالمتحدة حول العنصرية في ديربان. وقال بازنر: "اعتقد بأن هناك صلة مباشرة بين الكره والتحريض السائدين في ديربان وازدياد الأنشطة الارهابية، فالارهابيون تشجعوا من الخطاب المضاد لاسرائيل واللاسامي الذي يميز اجواء ديربان". وتابع ان القدس ربما شهدت مرحلة جديدة من عدم الاستقرار وهو ما يدفع اسرائيل الى اتخاذ كافة الاجراءات لوقف الهجمات ومنعها من الوصول الى القدس. وما ان أنهى الناطق الاسرائيلي حديثه حتى كانت مروحيات "اباتشي" الاسرائيلية العسكرية تطلق خمسة صواريخ على مبنى المخابرات العامة في بلدة دورا قرب الخليل فدمر المبنى بالكامل كما تحطمت أربع سيارات واصيب عنصران من جهاز المخابرات وأحد المارة بجروح وصفت بالمتوسطة. وفي مناطق أخرى أفيد عن اشتباكات مسلحة قرب رام الله وأخرى على مشارف طولكرم تبعها قصف اسرائيلي للمدينتين. كما تعرضت مناطق رفح وخانيونس لوجبة أخرى من التدمير ووصل عدد البيوت المهدمة في رفح وحدها الى أربعين منزلاً خلال يومين وفق ما اعلنه الوزير الفلسطيني صائب عريقات في أريحا بعد استقباله القنصل الأميركي العام في القدس. وقال عريقات: "طلبنا لقاء السيد شليكر واطلعناه على التدمير والحصار والاغتيالات، ونحن ندعو الولاياتالمتحدة الى لعب دورها في وقف العدوان وفي تطبيق توصيات ميتشل وتفاهم تينيت" في اشارة الى ما توصلت اليه لجنة تقصي الحقائق برئاسة السناتور الأميركي السابق جورج ميتشل والتفاهم على وقف النار الذي احرزه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جورج تينيت، وهي القضايا التي من المتوقع ان يركز على سبل تطبيقها الاجتماع المرتقب بين الرئيس الفلسطيني ووزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز نهاية الاسبوع الجاري. غير أن بيريز الذي بدا غاضباً وهو يلتقي ممثلين أجانب، لفت الى انه لا زال يعمل على تحديد زمان ومكان اللقاء الذي قد يقود الى هدنة مع الفلسطينيين، وتابع: "أملي هو الوصول الى هدنة، واعتقد أن عرفات يحتاج الى ذلك أيضاً فالانتفاضة لا تعطي أي ثمار بل مزيداً من الموت والمعاناة". مقابل ذلك، أكد الوزير الفلسطيني عريقات في ختام لقاء شكل استهلالا لجولة مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ان الفلسطينيين لا يريدون اللقاء كعلاقات عامة وانما يريدونه لقاء "يبحث في الجوهر وفي تطبيق التوصيات والاتفاقات بما يشمل وقف الاستيطان ورفع الحصار... هذا ما اطلعنا السيد سولانا والسيد ميغيل انخيل موراتينوس عليه. اذ بحثنا في سبل الاعداد الجيد للقاء الرئيس عرفات مع بيريز". ورد سولانا بأنه وصل الى المنطقة ليكون قريباً بما يكفي ليعمل بصورة مكثفة لتأمين عقد الاجتماع "الذي يحتاج الى تحضير جيد ويفضي الى تواصل تفاوضي... ولكن لا اريد ان اخلق توقعات قد لا تتحقق". ومن المقرر أن يلتقي سولانا اليوم في غزة الرئيس الفلسطيني العائد من جولة عربية اعقبت مشاركته في مؤتمر ديربان.