لا شك في ان الفتاة العربية دأبت على الكفاح والسعي من أجل الحصول على حقها في التعليم والوصول الى أعلى الدرجات بصبر وجهد وأناة. ومع أنها استطاعت من خلال نضالها أن تتقدم بخطوات واسعة مفسحة في المجال لطموحها المشروع إلا انها اصطدمت بواقع مفروض عليها كحتمية أولية، ألا وهو الزواج وتكوين الأسرة وتنشئة الأطفال، علماً أن هذا الأمر لا يتعارض مع طموحاتها، لكن الظروف الاقتصادية السائدة التي قلصت فرص الزواج بل أربكته بسبب عدم توافر الامكانات المادية للشباب، جعلتهم في حال عزوف عن الزواج. ألقت هذه المسألة بظلالها على الفتيات فأصبحن في حال ترقب الفرصة المناسبة حتى لو كانت في وقتها غير المناسب. أما ما يتعلق بتحصيل الشهادة الجامعية فأصبحت الفتاة في حيرة وخيار بينها وبين الفرصة التي ربما لن تتكرر، من هنا كان لا بد من الوقوف على حقيقة آراء فتيات الجامعة وسؤالهن عن أيهما أهم بالنسبة اليهن، الشهادة الجامعية أم الزواج؟ وهل يمكن أن تضحي الواحدة بكل سنوات الدراسة والشهادة من أجل الزواج وتكوين الأسرة والخلاص من شبح العنوسة؟ وهل يعتقدن أن الشهادة الجامعية ضمانة مستقبلية لهن فيما اذا فشل الزواج أو لم يتم أصلاً؟ ردينة ابراهيم قالت: "هناك الكثير من الفتيات يمكن أن يتركن دراستهن من أجل الزواج كونه الأهم والضمانة لحياتهن ومستقبلهن بخاصة في هذه الأيام، إذ أصبح الزواج صعباً ومرهقاً على الصعيد المادي وأصبحت فرصه ضئيلة بسبب الظروف الاقتصادية، اضافة الى هذا فالكثير من الفتيات يعتقدن ان الشهادة غير مجدية بعد الزواج. ولا يعرن أي اهتمام لها اذا كانت ظروف الزوج المادية جيدة، فتبقى الشهادة لوحة في اطار جميل معلقة على الحائط للذكرى، ولكن هناك فتيات لديهن طموح وتطلعات مستقبلية مرهونة بتحصيلهن العلمي العالي، ولا يفضلن الزواج على الشهادة، بل يعتبرنه حائلاً دون تحقيق طموحاتهن الكبيرة. وبرأيي الشهادة لا تعوض عن الزواج، ولا الزواج يمكن أن يعوض عن الشهادة. فإذا كانت فرصة الزواج مناسبة وحظيت الفتاة بزوج متفهم وواع ومؤمن بضرورة التحصيل العلمي العالي فهذا شيء جيد، وان كان لا يريدها سوى ربة بيت فقط فمن المستحيل أن أضحي بشهادتي ومستقبلي من أجل ذلك الزواج وتبقى الشهادة عندي هي الأهم". شيرين حسن قالت: "طبعاً لا نقاش حول مسألة أيهما الأهم فبالتأكيد الشهادة أهم وهذا لا يعني أن البيت والأسرة ليسا مهمين جداً في حياة كل فتاة، وهما الهدف الأسمى في حياتها. الواقع أصبح يفرض شروطه على كل من الرجل والمرأة إلا أن الرجل يستطيع أن يطوّع هذا الواقع في الشكل الذي يريديه، بينما المرأة لا تستطيع ذلك إلا بشهادتها، فهي سلاحها الذي يمكن أن تشهره بوجه الظروف الصعبة وحتى لو لم يكن هذا هو الهدف، فشهادتها تعني ثقافتها ووعيها وهي بنظري يمكن أن تمنح فرصة زواج أفضل وليس العكس، لأن الأم الواعية والمثقفة والمتعلمة ستربي جيلاً متفهماً وواعياً، وعندما تحرص الفتاة على تحصيلها العلمي تحرص على تأسيس بناء متين تبني عليه أسس حياتها الزوجية. وفي النهاية برأيي أن الشهادة أهم بكثير من الزواج فيما لو تعارض الحصول على الشهادة من أجل الزواج". رولا شتاعة قالت: "الحلم الذي يراود أية فتاة هو الزواج وتكوين الأسرة، ولكن ذلك لا يمكن أن يتم على حساب الشهادة الجامعية لأنها ضرورية جداً، ومن خلال تجربتي الخاصة أحرص على نيل الشهادة لأنها السلاح بيد المرأة لمواجهة المستقبل. وباعتقادي أن الشهادة في البداية أهم، وكثيراً ما تتخلى بعض الفتيات عن دراستهن بحجة ان فرصة مواتية قد صادفتهن، ويجب استغلالها بعدما أصبح الزواج حالاً غير سهلة لكثيرين، ولذلك أرى أن الشهادة مهمة جداً وتسهم فيما لو التقت الفتاة بالشريك بتقديم الدعم والمساندة ولا تكون عبئاً عليه وعلى حياتهما بل مساعداً له". نور بيطار قالت: "لو تكلمنا بصراحة لقلنا ان الزواج والشهادة بالأهمية نفسها ولكن بالنسبة إلي تأتي الشهادة في المرتبة الأولى لجهة الأهمية ولديّ إصرار على ذلك ومن خلال تجربتي الشخصية التي عشتها، فوالدي توفاه الله ونحن صغار ووالدتي تحمل شهادة جامعية في الأدب العربي وبهذه الشهادة استطاعت أن تعتمد على نفسها وأن تؤمن لنا كل متطلبات الحياة الكريمة المادية والمعنوية، وأعتقد لو أن والدتي لم تكن لديها شهادتها الجامعية لكان حالنا صعباً للغاية. ومن هنا الشهادة الجامعية بالنسبة إليّ حتمية ولا يمكن أن أتخلى عنها لأي سبب كان. وأرى أن الشهادة الجامعية تدعم الزواج وتمنحه فرصة نجاح أكبر كونها تستطيع أن تنشئ جيلاً متطوراً وواعياً وحضارياً، إضافة الى امكان وجود علاقة زوجية ايجابية بكل المقاييس. وهذا يعطي فرصاً جيدة لزواج ناجح ومستقر بحكم العلاقة التوافقية ما بين الزوجين بخاصة اذا كانوا على المستوى العلمي نفسه. وبرأيي ان الشهادة في البداية هي الأهم وهي أولاً".