تفاقمت أعمال العنف في فرنسا ليل السبت الأحد في ضواحي باريس وكذلك خارجها حيث احرقت 918 سيارة فيما اعتقل 193 شخصا حتى الساعة 4,30 بالتوقيت المحلي (03,30 ت.غ) أي الحصيلة الأكبر منذ بدء اعمال الشغب قبل عشرة ايام كما اعلنت الشرطة الفرنسية. ورغم الدعوات الى الهدوء التي اطلقت امس الأول فان معدل احراق السيارات كان اعلى من الليلة السابقة (918 مقابل 897) لكن تم توقيف عدد اقل من الأشخاص (193 مقابل 253). وللمرة الأولى جرى احراق حوالي عشر سيارات في اثنين من احياء وسط العاصمة كما قال رجال الاطفاء. وشهدت ليلة الأحد ايضا مواجهات عنيفة ايفرو (غرب) حيث لحقت اضرار فادحة بمركز تجاري حين اشتبك شبان متظاهرون مقنعون وبعضهم يحمل عصي البيسبول مع الشرطة حسب الافادات التي جمعها مراسل وكالة فرانس برس في المكان. وحسب هذه الافادات فان المواجهات اوقعت جرحى من الطرفين. واعمال العنف هذه تعتبر الأقوى خلال السنوات الماضية بسبب مدتها وحجم الدمار. وتبدو الحكومة عاجزة عن تطويق الأزمة فيما تجاهل الشبان مثيرو الشغب وغالبيتهم من اصول مهاجرين الدعوات الى «الحوار» وواصلوا تحدي الشرطة حيث هاجموا واحرقوا عدة مباني رسمية ومخازن ومتاجر وسيارات وحتى مدارس. وقالت صحافية من وكالة فرانس برس ان مطعما من شبكة ماكدونالدز في كورباي-ايسون (جنوب) دمر ايضا بنسبة 70٪ حين قام شبان في سيارة باضرام النار فيه. وفي مورو (ضاحية غربية) اطلق حوالي 30 شابا قنابل حارقة على قوات الأمن. وحصل احراق سيارات وحاويات ايضا في عدة مدن غرب فرنسا لا سيما نانت ورين وروان وفي الشمال، وفي تولوز (جنوب-غرب) وليون (وسط-شرق). وفي ضاحية باريس تم تعبئة 2300 شرطي اضافي كتعزيزات كما حصل الليلة قبل السابقة فيما كانت سبع مروحيات مجهزة باضواء كاشفة قوية وكاميرات فيديو تقوم بمراقبة الضواحي. وكانت الاضطرابات بدأت في 27 تشرين الأول/ اكتوبر اثر مقتل شابين من اصول مهاجرين عرضا قرب باريس بعدما اعتقدا ان الشرطة كانت تلاحقهما وهو ما تبين انه اعتقاد خاطئ بحسب السلطات. ٭ من جهة أخرى، نفى السيد محمد البشاري رئيس الفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا ما اصبحت تردده بعض الأوساط الفرنسية من ان اعمال العنف يقودها اسلاميون متطرفون. واشار البشاري في حديث مع راديو (لندن) اذاعها أمس الى ان مثل هذه التصريحات تأتي بعدما عجزت الدولة ومعها الطاقم السياسي في قضية الاندماج للشباب من الجيل الثاني والثالث من ابناء المهاجرين وسياسة التوازن الاجتماعي والسياسة الاجتماعية التي يجب ان تتبعها فرنسا. وقال ان وصول نيكولا ساركوزي الى وزارة الداخلية بدأ بانشاء المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية وبدأ يأخذ كثير من المواقف الجريئة في اعطاء فرصة للمسلمين في التعبير عن ارائهم ومنها تصريحه الأخير في قضية حق المهاجرين في التصويت للانتخابات البلدية (لكنه عندما وصف الشباب خصوصا الجيل الثاني والثالث بانهم من الحثالة في مدينة الأرجنتين انطلقت بالفعل ثورة شبابية ليس فيها عرب ومسلمين فقط وانما هي ثورة الشباب على نيكولا ساركوزي). فشل دعوات التهدئة ولم تنجح الأصوات التي ارتفعت قبل يومين في فرنسا لحمل شباب ضواحي المدن الكبرى على انهاء حركة التمرد التي شرعوا فيها يوم السابع والعشرين من الشهر الماضي. وكانت هذه الدعوات قد صدرت عن رئيس الدولة ورئيس الوزراء وعدد آخر من الشخصيات السياسية. وشارك والدا الشابين اللذين صعقهما الكهرباء في ضاحية «كليشي» الباريسية في الحملة المندرجة في اطار التهدئة. وكذا فعل دليل بوبكر عميد مسجد باريس الكبير ورئيس مجلس الديانة الاسلامية الوطني الفرنسي. التصعيد وارد وقد أجمعت أغلب الصحف الفرنسية الصادرة في اليومين الأخيرين على أن أحداث الشغب من شأنها أن تشهد تصعيداً في مقبل الأيام ولربما الأسابيع المقبلة إذا ظلت الحكومة تلف وتدور حول نفسها وتكتفي بإطلاق دعوات التهدئة. وقد انتقد أحد نواب البرلمان من الحزب الحاكم انتقادا لاذعا الرئيس الفرنسي جاك شيراك وقال ان التزامه الصمت ليس أمراً عادياً في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد. وطالب النائب رئيس الدولة باتخاذ اجراءات عملية وعاجلة لتطويق الأزمة.