إسلام آباد - رويترز - انه أكثر زعماء العالم غموضاً... لا توجد حتى صورة واحدة للزعيم الافغاني الملا محمد عمر. انه الزعيم الروحي لحركة "طالبان" التي تحكم معظم أراضي أفغانستان الجبلية الوعرة التي تؤوي المطلوب الرقم واحد في العالم... أسامة بن لادن. ويُعتقد بأن عمر لم يشاهده سوى اثنين غير مسلمين، بل وعدد قليل من الأفغان 20 مليون نسمة. وقرر الملا عمر عدم الظهور في اجتماع حاسم عقده امس مئات العلماء في كابول، لكنه أوفد مندوباً قرأ خطابه الذي ورد فيه: "دولتنا الاسلامية هي النظام الاسلامي الحقيقي. ولهذا السبب ينظر اعداء بلدنا الينا كشوكة في أعينهم ويفتشون عن أعذار للقضاء عليها... وابن لادن احد هذه الاعذار". لكن حرصه على السرية لم يكن حائلاً دون توليه الدرامي للسلطة في بلد دمرته حروب أعادت سكانه إلى حياة القرون الوسطى. وأصبح التشدد في تفسير الدين في عهده يحكم حياة الافغان. التعليم محظور على النساء اللواتي يجب عليهن ارتداء ثياب تغطيهن من قمة الرأس حتى أخمص القدمين عند الخروج من البيوت. وفرض على الرجال اطلاق لحاهم ومنع الراديو والتلفزيون والموسيقى ووسائل الترفيه الاخرى. وقال عمر في مقابلة نادرة مع صحافي باكستاني: "حملنا السلاح لتحقيق أهداف الجهاد الافعاني وانقاذ شعبنا من المزيد من المعاناة على أيدي ما يسمى بالمجاهدين. ايماننا بالله مطلق. لا ننسى هذا ابداً. يستطيع أن ينعم علينا بالنصر أو يبتلينا بالهزيمة". ولدت زعامة عمر وسلطة حركة "طالبان" المتشددة وسط شعور بالاحباط واليأس أججته حرب ضروس بين فصائل المجاهدين الذين هزموا الاحتلال السوفياتي قبل ان ينقلبوا على بعضهم بعضاً في 1992. وطيلة عامين كان قادة المجاهدين يتبادلون القصف بالصواريخ، مما حول مراكز القيادة في كابول أكواماً من الانقاض بينما فرت غالبية سكان العاصمة الى باكستان المجاورة. وتقول رواية عن الملا عمر انه في بداية 1994 جند نحو 30 طالباً متديناً بعدما سمع عن قيام أحد قادة المجاهدين بخطف قرويتين واغتصابهما. وهاجمت المجموعة بحوالى 16 بندقية قاعدة الخاطفين وحررت الفتاتين واستولت على كميات كبيرة من الاسلحة والذخائر. وقال عمر في حديث مع الصحافي الباكستاني رحيم الله يوسفزاي: "اننا نقاتل مسلمين انحرفوا. كيف يمكننا السكوت بينما نرى جرائم ترتكب ضد نسائنا وفقرائنا". ويروي أحمد رشيد الخبير في شؤون "طالبان": "بدأ عمر رجل دين بسيط من الباشتون ليس لديه أي فكرة أو رؤية عن مستقبل الدولة الافغانية. زهد في سلطة الدولة وأراد فقط تخليص أفغانستان من أمراء الحرب... كون هذا الرأي بمساعدة أسامة بن لادن". واستولت "طالبان"، في تشرين الثاني نوفمبر 1994، على قندهار، ثاني أكبر مدينة أفغانية. وبدا واضحاً أن نضالها يلقى تأييداً من باكستان. وفي 1995 كان عمر ومقاتلوه الشبان يكتسحون شمال أفغانستان واستولوا على كابول في 1996. وبقي عمر في قندهار وفيها شكل أعوانه حكومة في العاصمة. ولد عمر في قرية نودها قرب قندهار في 1959 ومات والده وهو صغير وكانت عليه إعالة أسرته. ثم أصبح عمر الضخم الجسم بلحية طويلة كثيفة شيخ القرية قبل الانضمام الى المجاهدين والقتال ضد الاحتلال السوفياتي من 1989 إلى 1992. واصيب أربع مرات وفقد عينه اليمنى. وصفه أحد القلائل غير المسلمين الذين التقوه بأنه يشبه النساك المسيحيين الاولين الذين عاشوا في الكهوف حياة الزهد والحرمان تقرباً من الله. والشخصان الوحيدان - غير المسلمين - اللذان التقيا عمر، مندوب الأممالمتحدة في أفغانستان في تشرين الاول اكتوبر 1998 والسفير الصيني في باكستان لو سولين في نهاية 2000 قبل أن تفرض الاممالمتحدة عقوبات على "طالبان". وقال أحمد رشيد: "إنه الآن يعتمد على ابن لادن أكثر من اعتماد ابن لادن عليه. قدم ابن لادن مقاتلين وأموالاً واتصالات دولية مع حركات اسلامية دولية. واصبح في العام الماضي جزءاً من المجلس الخاص لابن لادن".