تعيش سوق النقد الأجنبية في مصر استقراراً وهو أفضل فتراتها منذ ثلاثة اعوام تقريباً بسبب سعر الصرف المركزي الجديد للدولار الذي بدأ تطبيقه قبل شهر تقريباً، وخُفضت بموجبه قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الذي أصبح سعره 415 قرشاً بهامش 3 في المئة صعوداً وهبوطاً. وبلغت حصيلة النقد في المصارف خلال الفترة المذكورة نحو 3،1 بليون دولار، وفي شركات الصرافة نحو 90 مليون دولار ما يؤكد النجاح النسبي للنظام الجديد. وأبرز نتائج القرارات الأخيرة هو التصالح "الموقت" بين شركات الصرافة والجهاز المصرفي بعد اتهامات متبادلة منذ عام 1999 بمسؤولية كل منهما عن أزمة الدولار لدرجة أن طالب خبراء بإغلاق شركات الصرافة للحد من تجارة العملة السرية التي انتشرت في البلاد أخيراً. واكدت شركات الصرافة التزامها الأسعار المعلنة ورفضت شركات عدة شراء الدولار بسبب عدم توافر السيولة المحلية لديها نتيجة زيادة حجم المعروض بصورة كبيرة. وتتجه غالبية الشركات الى بيع فائض تعاملاتها الى المصارف حتى أن عمليات البيع مستمرة بشكل يومي. ورهنت الشركات استمرار نجاح النظام الجديد بتعاون المصارف والشركات عند رغبتها البنوك شراء قطع أجنبية مقابل الدولار إذا أن معظم المصارف يرفض ذلك بدعوى أن هناك تعليمات بعدم البيع لشركات الصرافة. واللافت أن زبون شركات الصرافة بات يساوم على السعر المعلن وينجح البعض في هذه المساومة مثلما يشتري البعض أي سلعة في السوق نظراً لأن الدولار متوافر بالفعل واصبحت الصرافات لا تجد مشترين سوى المصارف. من هذا المنطلق يستبعد الخبراء عودة سريعة لتجارة العملة السرية في نفي موازٍ لوجود شركات صرافة أو شركات غير مرخص لها تضارب على الدولار تستفيد من فارق السعر بين المصارف والصرافات. واستبعد الرئيس السابق للجنة الاقتصادية في الحزب الوطني الحاكم سمير طوبار عودة السوق السوداء للدولار بعد الإجراءات الأخيرة لضبط سوق الصرف، مشيراً إلى أن استمرار البنك المركزي في تلبية رغبات السوق وفي حدود الاسعار المعلنة أمر مهم. كما استبعد محافظ المركزي السابق الدكتور علي نجم عودة السوق السوداء بالمفهوم الدارج حالياً، مشيراً الى حرية الافراد في الحصول على أي كمية وبالسعر المناسب من المصارف، ما يعني عدم رغبتهم التعامل مع الشركات غير القانونية التي تخضع حالياً لرقابة صارمة. وشدد على ضرورة توفير كل الطلبات على الدولار دون المساس بالاحتياط النقدي، مقترحاً أن تكون عن طريق استحداث موارد أخرى سيادية وتوفير احتياط كبير لدى المصارف خصوصاً للمستوردين. وشهدت الاسواق الاسبوع الماضي صعوداً متلاحقاً لسعر الدولار أمام الجنيه ما أزعج الأجهزة المعنية من احتمال انفلات الاسعار الى حد قد تصعب السيطرة عليه لاحقاً، وتخوفت تلك الأجهزة من استمرار ارتفاع الاسعار بطرق عشوائية قد يكون مبالغاً فيها. كما حذر البعض من أن إتاحة النقد الأجنبي للعملاء من دون تبرير طلباتهم او تقديم مستندات قد يؤدي إلى تخفيف المواجهة مع القائمين على جرائم غسل الأموال والتي أطلت برأسها أخيراً في البلاد. وعلى رغم الاستقرار الموقت الذي تشهده السوق إلا أن البعض متحفظ على تصريحات عدة لرئيس الحكومة عاطف عبيد الذي أعلن عدم المساس بالاحتياط النقدي علماً أن المركزي ضخ نحو 500 مليون دولار الشهر الماضي لمساندة السعر الجديد ما طرح تساؤلات من أين للمركزي بهذا المبلغ، وكيف لرئيس الحكومة تبني مثل هذه التصريحات التي قد تثير قلقاً في الأوساط الاقتصادية؟.