رواية جديدة للشاعر والروائي العراقي جنان جاسم حلاوي صدرت حديثاً عن دار الآداب تحت عنوان: "ليل البلاد". وفي "ليل البلاد" كما نشر الناشر، تمتزج المصائر، وتختلط الأقدار، فتصبح الحياة قوَّة عنيدة تقاوم ظلام الموت وشروطه المدمّرة. "ليل البلاد" رواية القدر الانساني والحرب في أصقاع العراق الملتهبة، في لغة ثريَّة وملوَّنة. من معسكرات التدريب القاسية في جنوبالعراق، إلى السجون، فجبهات القتال ومسالك الجبال الوعرة، تزخر هذه الرواية بحوادث الحرب الطويلة التي رسمت مصير عبدالله: الجندي الذي قاوم موته حتى النهاية. "ليل البلاد" هي سيرته في دروب الجحيم. ومن جوّها: "ساحة أمّ البروم ساكنة سكون مقبرة، تقترب منها وئيداً سماء رصاصية مغبرة، فيما نقاط متوهجة تتلألأ في مدخل المغايز: أضواء مصابيح نفطية معلّقة فوق عربات خشبية، مصفّحة بالتنك، تقدّم وجبات خفيفة من البيض والباقلاء، سينما الكرنك مغلقة، وموقف سيارات بصرة شعيبة خلا تقريباً، بعد ان غادر الجنود الى وحداتهم وثكناتهم. الهدوء هنا مشوب بالموت: ثقيل وحذر، والمكان يتنفّس ببطء كأن ثقلاً غير مرئي يجثم عليه، ومضات الأنوار المتفرقة، المفكّكة، تهب الساحة شكلاً غيمياً من ظلال وعتمة مواربة: حال تقبض الروح. وحدها: كلاب كسولة تتمطّى، وتتسكّع، أو تمدّ أبوازها في مزابل ليست بعيدة من تلك العربات التي جلس اصحابها القرفصاء، او وقفوا تائهي النظرات، وهم يمجّون سجائرهم. البيوت الواقعة خلف الساحة، حيث نهر الخندق، تغطس في دكنتراكدة، وشراشيب شناشيلها تشي بمرارة الأيام، وقلق الليالي التي تمرّ على المدينة".