عاشت تونس اسبوعاً استثنائياً واكب احتضانها النصف الأول من دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط ال14، والذي شهد سيطرة شبه مطلقة لدول الضفة الشمالية على منصات التتويج، واحرازها ضعفي حصاد الدول العربية السبعة المشاركة. وامتزجت فرحة التوانسة بهذا العرس المتوسطي وبقدرة أبنائها على رفع تحدي التنظيم وجهوزية المنشآت، وكسب رهان انجاح الاستضافة والحضور الجماهيري الكثيف، بفرحة حصد الكم الكبير من الميداليات عبر 34 توزعت بين 12 ذهبية و7 فضيات و15 برونزية، محطمة بذلك كل أرقامها القياسية المتوسطية في تاريخ مشاركاتها في الدورة، ما جعلها تحقق مفاجأة تصدر ترتيب الدول العربية. وكان الامتياز الشمالي ذا نكهة خاصة، حيث تمكنت تركيا من التربع على جدول التتويجات بعد اليوم السابع حاصدة 26 ذهبية و10 فضيات و11 برونزية، على رغم ان عدد وفدها المشارك يعد متوسطاً بالمقارنة مع باقي الدول، وفي مقدمها اسبانيا، صاحبة اكبر وفد ب335 رياضياً، والتي جاءت في المرتبة الثانية ب23 ذهبية و15 فضية و11 برونزية. وإذ نفهم اسباب هذه السيطرة الشمالية في ظل الاختلاف في الامكانات وحجم الاستعداد، فإن انطباعاً ساد في تونس في أن غالبية الوفود العربية المشاركة لم تقدر حجم هذا الاستحقاق الاقليمي وأهميته، والذي يمثل جسر عبور ضروري ما بين دورتين أولمبيتين، علماً ان رئيس الوفد الايطالي على سبيل المثال لا الحصر صرح بأن بلاده تضع عبر المشاركة نصب عينيها على الانجازات في اولمبياد أثينا عام 2004، "باعتباره انه موعد قريب جداً". وعموماً، واكب مسابقات السباحة 224 سباحاً من 20 بلداً في 25 مسابقة، ما مثل زيادة نحو 30 في المئة في حجم المشاركة عنها في دورة باري الايطالية السابقة. وحصدت اسبانيا أكبر نصيب من غلة السباحة ب11 ميدالية ذهبية و4 فضيات و6 برونزيات، في حين جاءت ايطاليا في المرتبة الثانية وفرنسا ثالثة. ورفع السباح الجزائري سليم ايلاس الراية العربية عالياً بفوزه بميداليتين ذهبيتين ومحطماً اربعة ارقام متوسطية في سباقي ال50 و100 متر حرة، علماً ان عدد الارقام القياسية المتوسطية بلغ 27 في هذه المسابقة، اما تونس فاكتفت بحصد ميدالية فضية من طريق أمل مستقبلها الشاب أسامة الملولي. وحافظت تركيا واليونان على تقاليدهما العريقة في السيطرة على ألقاب المصارعة بتصدرهما المركزين الأول والثاني، وتمكن المصارعون السوريون من احتلال المركز الثالث امام ايطاليا ومصر وفرنسا. بريق الملاكمة وعادت الملاكمة التونسية لتستعيد بريقها ب3 ذهبيات، وتقاسمت المرتبة الأولى مع تركيا ومصر. وبدا أن الوعد الرئاسي بهبة ب100 ألف دولار لكل تونسي يفوز بالذهب دفعت الرياضيين التونسيين الى تجاوز طاقاتهم ليعانقوا دائرة الامتياز تمهيداً لتحولهم الى دائرة الأضواء والشهرة التي تنقذهم من براثن الفقر. في المقابل، كانت الخيبة التونسية الاكبر غير متوقعة بعدما اقصيت لاعبة كرة المضرب سليمة صفار من المسابقة منذ الادوار الاولى، متعللة بأوجاع في معدتها تاركة المجال امام المغربية بهية محتسن للتتويج بالذهبية في رياضة شهدت سيطرة يونانية على جميع الواجهات. وسيبقى انجاز الرباع التونسي عاطف جراي محفوراً في ذاكرة التوانسة، بعدما استهل مشوار تحقيق بلاده افضل رصيد في رياضة رفع الاثقال في تاريخ مشاركاتها المتوسطية 3 ذهبيات وفضيتان وبرونزية واحدة، علماً ان اليونان وتركيا تقاسمتا الغلة الأبرز فيها. وينتظر أن يشهد الاسبوع الثاني من الدورة حركة جماهيرية اكثر اتساعاً مع انطلاق مسابقتي كرة اليد وكرة القدم. واذا استثنينا الحادث المؤسف الذي ذهب ضحيته حكمان في كرة الطائرة بعد اصطدام سيارتهما بشاحنة تجارية، فإن الاسبوع الأول التونسي كان استثنائياً على الجهات كلها، فالحركة لم تكن عادية في مطار تونس - قرطاج، ولم تستطع المطاعم في مدينتي حلق الوادي وسيد بو سعيد استيعاب المتوجهين اليها، ووجب انتظار أكثر من نصف ساعة للحصول على سيارة أجرة من اجمالي 11 ألف تاكسي في العاصمة، في حين لم تغلق المتاجر ابوابها في شارع الحبيب بورقيبة حتى الساعة الثالثة صباحاً، فقط الدكتورة زكية البلطاجي، مديرة مركز مراقبة المنشطات بقيت "عاطلة من العمل"، حيث لم تسجل أية حالة حتى الآن. اليوم السابع في اليوم السابع من المنافسات، تكرست السيطرة الفرنسية على مسابقة الكاراتيه، فاحرزت اربع ذهبيات من اصل ثمانٍ، في حين حصدت الدولة المضيفة اربع ذهبيات عبر هالا بودي في وزن 50 كلغ ووسام العرفاوي في وزن 75 كلغ ومحمد منعم حمودة في وزن اقل من 80 كلغ، في حين فاز مواطنهم حنبعل جغام فضية وزن فوق 80 كلغ، والتونسي صابر كريو والمصري اشرف فنون برونزية وزن 65 كلغ، ولدى السيدات، احرزت المصرية دعاء عبدالعزيز فضية وزن 60 كلغ، والتونسية فاتن هاني برونزية وزن 55 كلغ. وفي الألعاب الجماعية، خسرت تونس امام فرنسا صفر-1 في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الاولى في مسابقة كرة القدم. وسجل نيكولا سحنون هدف المباراة الوحيد 11. وكانت تونس تغلبت على سان مارينو 5-صفر في الجولة الاولى، وهي احتفظت بالصدارة برصيد 3 نقاط بفارق الاهداف امام فرنسا، لكنها باتت مهددة بالتخلي عنها لمصلحة فرنسا في حال فوز الاخيرة على سان مارينو، وهو شبه مضمون، الا انها تملك الافضلية حتى الآن كصاحب افضل مركز ثانٍ لبلوغ الدور التالي. وفي كرة اليد، فاز المنتخب التونسي للرجال على نظيره السوري 29-22 الشوط الاول 13-12 في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الرابعة، في حين مُني المغرب بخسارته الثانية امام يوغوسلافيا 25-33 ضمن المجموعة الاولى. واحرز المنتخب الاسباني للرجال ذهبية مسابقة كرة السلة بتغلبه على اليونان 72-61، ونالت ايطاليا البرونزية بتغلبها على يوغوسلافيا 102-85. "أم الألعاب" تبدو الفرصة مؤاتية امام الرياضيين والرياضيات العرب وبالتحديد المغاربيين لتعزيز ارصدتهم من الميداليات بانطلاق منافسات ام الالعاب التي تستمر اربعة ايام. وتأتي ألعاب القوى المغربية في المركز الاول بالنظر الى الوفد المهم الحاضر في تونس والبالغ عدده 40 عداء وعداءة، بقيادة بطلة العالم في سباق 400م حواجز نزهة بدوان، التي تسعى الى احراز لقبها المتوسطي الرابع على التوالي، وحامل الرقم القياسي العالمي في سباق 3 الاف متر موانع وقاهر الكينيين ابراهيم بولامي الذي يبدو حالياً في اوج عطاءاته، ويونس مدرك، حامل الرقمين القياسيين الافريقي والعربي في مسابقة الوثب الطويل، اضافة الى عبدالقادر حشلاف، الذي بلغ نهائي 1500م في بطولة العالم الاخيرة في ادمونتون، واسماء لغزاوي. يذكر ان ألعاب القوى منحت المغرب 36 ميدالية في الدورات الثلاث المتوسطية الاخيرة، وتحديداً 12 ميدالية في كل دورة. وتأتي ألعاب القوى الجزائرية في المركز الثاني من خلال بطلها في الوثب العالي عبدالرحمن حماد، حامل برونزية دورة سيدني 2000، وبايا رحولي، نجمة الوثب الطويل. وتعول القوى التونسية على بطلها حاتم غولة في مسابقة المشي. وتوزع 46 ميدالية ذهبية مناصفة بين الرجال والسيدات 23 لكل منهما، منها 11 اليوم في سباقات الماراتون رجال وسيدات و400 م حواجز رجال وسيدات و5 الاف م رجال و3 الاف م موانع سيدات و100 م رجال وسيدات، ومسابقات القفز بالزانة سيدات والقرص سيدات والوثبة الثلاثية رجال.