} ما زال عميل الاستخبارات المغربية السابق السيد أحمد البخاري يشغل الساحة السياسية والإعلامية في المغرب بإفاداته عن طريقة عمل أجهزة الأمن المغربية والتصفيات المتورطة فيها. وهو أكد مجدداً ان الاستخبارات المغربية صوّرت خطف المهدي بن بركة وتذويب جثته في الأسيد سنة 1965. أعادت افادات عميل الاستخبارات المغربي السابق السيد أحمد البخاري حول ضلوع الأجهزة الأمنية في التنصت وتصوير الحياة الخاصة للناس إلى الأذهان قضية عميد الاستخبارات مصطفى ثابت الذي اعدم العام 1993 بعد ادانته باغتصاب عشرات الضحايا وتصويرهن في أوضاع فاضحة على أشرطة الفيديو. وأوضح البخاري أن ثابت كان عمل بدوره بعض الوقت في جهاز "الكاب 1" الذي كان مكلفاً ب"محاربة التخريب" وتورط - بحسب افاداته - في اختطاف واغتيال معارضين سابقين لنظام الملك الراحل الحسن الثاني. وقال إنه تعلم ذلك الاسلوب عبر تمرسه في أجهزة الاستخبارات، مضيفاً أن ضغوطاً مورست على معارضين سابقين في تنظيمات حزبية ونقابية وطلابية بهدف تجنيدهم للعمل لمصلحة الاستخبارات. وهذه المرة الأولى التي يُثار فيها اسلوب عمل الاستخبارات بهذه الطريقة، وإن كان لافتاً أن محكمة الدار البيضاء التي دانت العميد ثابت اكتفت بمشاهدة بعض أشرطة الفيديو التي ضبطت في شقته في شارع اميل زولا في الدار البيضاء، مما يعني أن أشرطة أخرى كانت دمرت ربما تضمنت وقائع ارتبطت بمهمته الاستخباراتية. لكن أي مصدر لم يؤكد ذلك. وقالت المحكمة إن تلك الأشرطة كانت فاضحة ومسيئة للاخلاق والضحايا على حد سواء. لكن مراقبين لافادات البخاري يسألون عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه، وهل ستقتصر على فترة عمله في "الكاب 1" خلال ما يزيد على عشر سنوات، أم أنها تتجاوز ذلك إلى فترات لاحقة، خصوصاً عندما نُقل عنه أن وثائق ومستندات وأفلاماً كانت في حوزة "الكاب 1" نقلت إلى جهاز الاستخبارات المدنية الذي تأسس عام 1972. وأوضح البخاري أن عملية خطف المعارض المهدي بن بركة في 29 تشرين الأول اكتوبر 1965 صوّرها كاملة عملاء مغاربة لاثبات أن المتورطين في الاختطاف كانوا عملاء فرنسيين جندتهم الاستخبارات المغربية. وكان لافتاً أنه تحدث عن منزل النائب السابق جوهنا اوحنا المتحدر من أصول يهودية الذي استخدم للتنصت وتصوير المهدي بن بركة في باريس. كما عرض إلى تصوير وقائع تذويب جثة المهدي بن بركة في معتقل "دار المقري" في الرباط. ويسود اعتقاد بأن تداعيات اعترافات البخاري قد تؤدي إلى معاودة النظر في وقائع محاكمات عدة عرفتها البلاد خلال فترة الاحتقان السياسي، بخاصة خلال السبعينات ومنتصف الثمانينات التي عرفت محاكمات عدة لمعارضي النظام. بيد أن القضية تبدو وكأنها انفلتت عن التحكم في مسارها، خصوصاً في حال انبرى عملاء سابقون، ذكرهم البخاري في افاداته، للكلام عن الفترة ذاتها التي تحولت إلى وقوداً لنار الإعلام المغربي الذي يحفل بمذكرات وافادات معتقلين سابقين ضمن ما يعرف ب"أدب السجون" الذي لم يعد يقتصر على الضحايا، وإنما يجمع بين الجلادين وضحاياهم في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في البلاد. لكن السياسيين الذين عاينوا فترات الاحتقان السياسي ما زالوا صامتين، وإن كان مرجحاً أن تدفعهم تطورات الأحداث إلى تقديم شهادات في الموضوع. وثمة من يذهب إلى أن التعرف على سمات هذه الفترات التي تميزت بحدة الصراعات السياسية هو المدخل الطبيعي لإقرار المصالحة. إلا أن الثابت أن الطي النهائي لملف حقوق الإنسان الذي كان يعول على إقراره في ضوء تقديم تعويضات لضحايا الاعتقال التعسفي لم يعد ممكناً من دون الالمام بكل المعطيات والمراحل. وبدأت أصوات سياسية وإعلامية تطالب بكشف ضحايا الصراعات السياسية التي عرفتها البلاد في السنوات الأولى للاستقلال، بخاصة على صعيد تصفية أفراد من المقاومة و"جيش التحرير" وسياسيين بارزين، ما زال الغموض يلف الأيدي الملطخة بدمائهم.