أبلغ مسؤول حكومي مغربي إلى "الحياة"، أمس، أن السلطات الفرنسية مدعوة إلى فتح تحقيق قضائي حول المعطيات الجديدة في قضية المعارض المغربي المهدي بن بركة. وركز المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه، على أن حادث الاختطاف والاغتيال وقع داخل الأراضي الفرنسية. وقال إن الحكومة المغربية ستتريث في اتخاذ اجراءات في هذا المجال "إلى حين وضوح الصورة". وأوضح المسؤول أن تصريحات الضابط أحمد البخاري لم تقدم جديداً في الموضوع، غير أن صدورها عن مسؤول في جهاز الاستخبارات كاب 1 أضفى عليها بعداً خاصاً. لكن مصادر سياسية ربطت بين موقف الاتحاد الاشتراكي الذي يقود حكومة رئيس الوزراء السيد عبدالرحمن اليوسفي وطلبه فتح تحقيق قضائي في الرباط، وبين عدم صدور موقف حكومي يدعم الاتجاه ذاته، خصوصاً أن وزير الثقافة والاتصال الإعلام المغربي السيد محمد الأشعري ركز على أحقية حزبه في طلب التحقيق. ولفت سياسيون إلى أن الاتحاد الاشتراكي لم يكن موجوداً عام 1965، تاريخ اختطاف بن بركة في باريس، وأن عائلته والحزب الذي كان ينتسب إليه وقتذاك الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مؤهلان لملاحقة القضية. يذكر أن الاتحاد الاشتراكي انشق عن الاتحاد الوطني عام 1974. في السياق نفسه، كشف الضابط البخاري، الذي يوجد في مكان مجهول في الدار البيضاء، عن خلفيات افاداته. وقال في مقابلة مع أسبوعية "الصحيفة" إن "الظروف اليوم أصبحت مؤاتية وهناك فرصة تاريخية كي تتصالح البلاد مع ماضيها". ونفى أن يكون تعرض لأي تهديد، لكنه اتهم عملاء سابقين في الاستخبارات بإمكان الضلوع في أي تهديد. وقال إن هناك معتقلين آخرين ماتوا تحت التعذيب ورميت جثثهم في الحوض الكيماوي في معتقل "دار القري". واتهم البخاري الضابط السابق محمد العشعاشي بأنه كان يتخذ قرارات اختطاف المعارضين وحده وكان يشرف على فرق خاصة لتنفيذ المهمات. وروى أنه تعرف إلى تفاصيل مقتل بن بركة في فيلا في باريس عن طريق روايات عملاء سابقين، وان الجنرال أحمد الدليمي حضر وقائع تذويب جثة بن بركة التي صورت على شريط فيديو. كما تطرق إلى اختطاف معارضين من الجزائر عبر شبكات مختصة، وأقر بأنه حضر عمليات تذويب جثث عشرة معتقلين على الأقل. وكشف أيضاً أنه عرض على أسبوعية "لوجورنال" كتابة مقالات عن أجهزة الاستخبارات المغربية خلال فترة عمله، لكن الأمر تطور إلى كتابة مذكرات كان يسلمها للأسبوعية. وقال إن سياسيين بارزين كانوا يتعاملون مع أجهزة الاستخبارات، لكنه رفض الكشف عن اسمائهم. إلى ذلك، توقعت مصادر حقوقية أن تتفاعل إفادة الضابط البخاري على نطاق واسع، كونها عرضت إلى ملف الاختفاء القسري ودور جهاز "الكاب 1" في ذلك. وسبق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن أماط اللثام عن اختفاء نحو 130 شخصاً في ظروف غامضة. وطالب نشطاء في حقوق الإنسان الكشف عن مصيرهم وتسليم ذويهم رفات المتوفين منهم، وكانت المراجع المغربية حلت ذلك الجهاز في بداية السبعينات وأحلت محله جهازين آخرين للاستخبارات الداخلية والخارجية. لكن معارضاً مغربياً مقيماً في لوزان سويسرا وزع أخيراً بيانات عن حرب داخل الأجهزة الاستخباراتية. وقال أحمد بناني في رسالة متداولة إن هناك أهدافاً وراء هذه التسريبات ترمي إلى "نسف رموز العهد الماضي"، في إشارة إلى صراعات على مراكز النفوذ والمواقع، خصوصاً ان افادات البخاري تزامنت مع نشر تقارير عن كبار الجنرالات المغاربة الذين قيل إنهم يحظون بامتيازات كبيرة في قطاع الصيد الساحلي. وعرضت تلك التقارير لاسماء الجنرالات حسني بن سليمان قائد الدرك الملكي، وعبدالحق القادري مدير قسم المستندات الاستخبارات الخارجية، وعبدالعزيز بناني قائد المنطقة العسكرية الجنوبية. ونقل عن محمد بن سعيد، زعيم "منظمة العمل الديموقراطي" أن الجيش في المغرب "لا يشكل حالياً أي خطر على الحياة السياسية".