بيروت "الحياة" - خطفت محطة المختارة، دار زعامة آل جنبلاط، الأضواء من سائر محطات جولة البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير الى الشوف وعاليه في جبل لبنان وجزين محافظة الجنوب، نظراً الى ما تخللها من اشارات ورسائل سياسية ومواقف أعلنها كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وصفير. وإذ كرست هذه المحطة تعاون أقوى مرجعيتين سياسيتين، مسيحية ودرزية، في جبل لبنان، لأن مرجعية صفير السياسية باتت بأهمية مرجعيته الدينية، فإن الأخير ذكّر بالعلاقة العريقة بين البطريركية المارونية ودار المختارة، والتي لعبت دوراً في لبنان وجبل لبنان أهم المحافظاتاللبنانية وأكثرها تأثيراً في السياسة اللبنانية، على مر التاريخ. لكن جنبلاط كان سبق "الضيف الكبير" الى التأكيد، في كلمة ترحيبية ألقاها في باحة دارته، التي شهدت حشداً سياسياً واسعاً، لا يقل عن الحشد الشعبي، بأن "ما يسمى الثنائية المسيحية الدرزية عرفت أياماً مجيدة وصعبة لكن لبنان الكبير لا يحمل ثنائيات بل يفرض وحدة وطنية شاملة". وأوضح جنبلاط ل"الحياة" ان موقفه هذا نهائي وحاسم وان وجود مسيحيين ومسلمين من كل الطوائف والمناطق في استقبال صفير، هو خير دليل، ودعا جنبلاط صفير الى زيارة الجنوب بعد جزين، مؤكداً ان وحدة لبنان لا تستكمل الا باحتضانه. وفيما كان صفير سبق جنبلاط، اثناء دخوله الشوف أول من أمس، الى الحديث عن "طي صفحة الماضي السوداء"، في اشارته الى ما سمي حرب الجبل بين الدروز والمسيحيين العام 1983، فإن الزعيم الاشتراكي قال بلهجة واثقة ان حرب الستين القرن التاسع عشر بين الطائفتين، وحرب الجبل ولّتا "الى غير رجعة". وقال صفير عن الحرب الأخيرة: "سامح الله من كان السبب". وكان صفير زار رئيس الجمهورية إميل لحود في قصره الصيفي في بيت الدين، ووصف لحود جولة البطريرك في الشوف وجزين بأنها "تاريخية" وتمنى ان تحقق تسريع عودة المهجرين. الا ان جنبلاط لم يفوت مناسبة استقبال صفير وسط اعلام حزبه واللافتات المرفوعة، ليشير الى تذكير لحود بخطاب القسم، الذي كان موضع انتقاد سابق من قبله، فحرص على ان يذكر بأن "الانجازات الكبيرة التي قام بها الراحل الكبير الرئيس السابق فؤاد شهاب، أهدرها لاحقاً بعض الأجهزة...". وأشار الى ان البدائل الأمنية فشلت. ودعا الى "إزالة الفساد وحكم الأجهزة". وفيما تجنب صفير الحديث عن العلاقات مع سورية أمس شدد جنبلاط على احترام مصالح سورية الاستراتيجية العسكرية والأمنية، داعياً الى تصحيح العلاقة وتنقيتها من التملق أو الوصاية. وأكد ان سورية عامل استقرار اساسي في لبنان والشرق. وعصراً زار صفير بلدة جزين المسيحية التي رزحت تحت الاحتلال الاسرائيلي حيث أعلن انه كان يتمنى زيارة الجنوب "لولا اننا نعرف ان بين أهله من اتخذ طريق المنفى الطوعي أو زجّ في السجن وهم من كل الطوائف"، داعياً الى نظرة عطف عليهم.