أعلن وزير الدفاع الجزائري السابق اللواء المتقاعد خالد نزار أنه أودع الاثنين الماضي دعوى قضائية لدى المحاكم الفرنسية ضد الملازم الأول حبيب سوايدية بتهمة "القذف" في تصريحات أدلى بها يوم 27 ايار مايو الماضي، في القناة الفرنسية الخامسة يتهمه فيها بقتل عشرات الجزائريين. وقال نزار في مؤتمر صحافي عقده في دار الصحافة في العاصمة الجزائرية امس: "سأدخل برفقة أصدقائي في معركة كبيرة لها رهانات مهمة". وأضاف: "قررت اللجوء الى المتابعة القضائية ضد أحد هؤلاء العملاء، والمسمى حبيب سوايدية، الذي مس شرفي وسمعتي بادعاءاته الكاذبة". وتابع: "قد يتساءل رفقاء الكفاح الطويل من أجل الاستقلال والسيادة الوطنية عن هذه السخرية التاريخية التي تجعل رهانات نابعة من سياسة داخلية جزائرية تناقش أمام هيئة قضائية من هذا القبيل". واستغل وزير الدفاع السابق حضور عدد من الجنرالات السابقين مثل الجنرال تاغيت ليدافع مجدداً عن قرار إلغاء المسار الانتخابي العام 1992. وقال ان القرار اتخذ "لتجنب اقامة دولة دينية والعودة الى القرون الوسطى". وفي رد على سؤال من "الحياة" في شأن مدى حصوله على دعم الشخصيات السياسية والعسكرية في الحكم فيما يعتبره "معركة الجزائر ضد المؤامرة الجهنمية"، قال نزار: "أنا لا أطلب الدعم لي شخصياً ولكن أتحدث وأوجه نداء الى الذين حيوا فينا ما قمنا به لمصلحة هذا البلد... فالقضية شخصية، ولكن لها انعكاسات على البلد ككل، لذلك كان من واجبي أن احيط السلطات السياسية بما سأقوم به، وكذلك فعلت مع السلطات العسكرية التي أبلغتها بالمبادرة". وتوجه الى القوى الديموقراطية واليسارية "لا بد ان نفصل بين الجزائريين الرجعيين الذين يريدون اقامة دولة ثيوقراطية وبين الذين يريدون الانفتاح على قيم الحرية والديموقراطية". واضطر اللواء المتقاعد الى قطع ندوته الصحافية مرات عدة بسبب أم أحد المفقودين التي منعت من دخول القاعة لابلاغ وزير الدفاع السابق نقمتها ضده، وصاحت بأعلى صوتها "يا نزار يا بينوشيه اخرج ورد علي أين وضعت ابني". وتابعت: "أنا جزائرية حرة وأنا بنت البلد لقد خطفوا مني ابني... انه هو اللواء نزار، انه هو من خطفه ورماه في سجن سركاجي". ولم يجد اللواء نزار كلمات لتبرير الحرج الذي وجد فيه إلا القول: "لقد بعثك عباسي مدني"، ثم تابع: "اتركوها تصيح ثم تعود". ولم تنفع تدخلات الشرطة والحرس الخاص للواء في اسكاتها قبل أن تتمكن من لقاءه. واعتبر وزير الدفاع السابق، الذي يعد من أبرز المتنفذين في المؤسسة العسكرية، ان لجوءه إلى القضاء الفرنسي يهدف إلى "كسب رهان الجزائر ضد كل الأوساط المعادية لبلدنا". وأضاف: "بما انني عسكري فضلت الهجوم بدل الدفاع. فقد بقيت في وضع دفاعي ثماني سنوات". ورأى أن ما يحدث من تهم في الخارج هو "محاكمة للجزائر والنظام الجزائري في فرنسا لقضايا تخص الفترة التي كنت فيها مسؤولاً". وحسب العضو السابق في المجلس الأعلى للدولة، فإن الجزائر تعيش منذ إلغاء المسار الانتخابي سنة 1992 "ثورة". وأضاف: "نعم ثورة، وللأسف كان بالإمكان تفادي سقوط قتلى ولكن الوضع كان يتطلب تضحيات. والبلد يسير حالياً في الاتجاه الصحيح، على رغم ما يثار عن خلافات بين الجيش والرئيس بوتفليقة". لكنه لم يستبعد إمكان قبوله مرة أخرى الانقلاب على الوضع وتكرار تجربة وقف المسار الانتخابي، إذ قال: "كل شيء يقدر". وفي شأن التهم التي لا تزال تستهدف الجنرالات قال نزار: "إن الأشخاص الذين قرروا الانقلاب غادروا الحكم إلى التقاعد، فلماذا نتهم اليوم الجيش، خصوصاً أن غالبية الجنرالات الذين اتخذوا قرار وقف المسار خرجوا إلى التقاعد مثل الجنرالات زروال وقنايزية وتاغيت وجوادي الطيب دراجي ولم يبق من الجماعة إلا أربعة أو خمسة فلماذا نستمر في اتهام المؤسسة العسكرية؟". وقال: "لو كنا انقلابيين لما تخلينا عن السلطة بهذه السرعة". وشدد على توضيح "ان قرار الانقلاب على الرئيس الشاذلي بن جديد تم بحضور 25 عسكرياً في منطقة عين النعجة، ولم نقم بالانقلاب ولكن أجرينا تصحيحاً، وبعد القرار خرج نحو مليون جزائري إلى الشارع للتظاهر والاحتفال بهذا القرار". وعن التهم التي وجهها ضده العقيد لحبيب سمراوي في شأن اغتيال الرئيس الراحل محمد بوضياف وتأسيس الجماعات الإسلامية المسلحة لاغراق الجزائر في الدماء، قال اللواء نزار: "هذا ليس قذفاً اسأل خبراء القانون". وعن عودته العاجلة من باريس حيث كان يعرض كتابه، قال اللواء المتقاعد: "فضلت العودة لحفظ العلاقات بين فرنساوالجزائر، واعتقد اليوم انني أحسنت الاختيار"، لافتاً إلى أن "هناك من يريد قطع العلاقات بين البلدين". اما بالنسبة الى كتاب "الحرب القذرة" فقال نزار: "انه نسيج من الاكاذيب المضللة لكنه اثر كثيراً على العسكريين في الجزائر". وفي رده على الاوساط السياسية والاعلامية التي تتهمه بالوقوف مع عدد آخر من الجنرالات وراء "المافيا المالية" التي تنخر الاقتصاد الجزائري، لم يجد العضو السابق في المجلس الاعلى للدولة من وسيلة للدفاع عن نفسه الا القول "ان ابنائي يعيشون في بطالة لان هناك من ترك الغموض حول انباء الجنرالات. فهل هناك ما يمنع ابن جنرال من العيش واكل الخبز كبقية الناس. انني معاقب لان ابناءهم هم ابناء جنرال. لدي ثلاثة ابناء وهم في بطالة وتأخر زواج احد ابنائي بسبب البطالة التي يعيشها. وحتى مشروع اقامة شبكة خدمات الانترنت معطل لان المسؤولين يتحرجون في منحي الرخصة". واضاف "أتحداهم كشف ما عندي". وعن تهم التعذيب وقتل الجزائريين التي تلاحقه حرص اللواء المتقاعد على توضيح انه عمد الى اصدار نصوص تحذر من كل اشكال التعذيب. واستدرك: "ان كانت هناك ممارسات من مثل هذا النوع في محافظات الشرطة فتلك مسؤولية وزير الداخلية". وتوقع ان ترتفع قائمة المفقودين مع الايام المقبلة اما بالنسبة الى التهم التي وجهتها اطراف جزائرية لدولة قطر في ما يتعلق بالتلاعب بالوضع الداخلي للجزائر خصوصاً وان قطر لم تتردد في منح هبات للجيش الجزائري قال: "لا... لا شرف الجزائري قبل كل شيء".