بيروت "الحياة" - يلتقي رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير، بعد غد الثلثاء في مقره الصيفي في الديمان، في سياق الاتصالات التي يجريها من اجل استيعاب تفاعلات مرحلة الخلافات التي تصاعدت اثر التوقيفات التي طاولت عناصر وقياديين من "القوات اللبنانية" المحظورة و"التيار الوطني الحر" بزعامة العماد ميشال عون والتي بلغت مؤسستي المجلس النيابي ومجلس الوزراء. ويأتي لقاء لحود صفير بعد ان تسلم القضاء أمس المستشار السياسي في "القوات اللبنانية" الدكتور توفيق الهندي، مع ملف التحقيق معه وتضمن وقائع عن لقاءات له مع مسؤولين اسرائيليين. ويأمل المسؤولون اللبنانيون أن تفضي اتصالات الأسبوع المقبل الى تهدئة سياسية تسهم في تهدئة السوق المالية التي شهدت ضغوطاً على الليرة اللبنانية بسبب المخاوف من تصاعد التأزم السياسي راجع ص9. وفيما ذكرت "وكالة فرانس برس" ان مصرف لبنان اضطر الاسبوع الماضي الى التدخل لدعم الليرة ب350 مليون دولار، قالت مصادر مالية رفيعة ل"الحياة" ان هذا الرقم مبالغ فيه. ونفى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس في شكل قاطع "الأنباء التي تحدثت عن هروب رؤوس أموال في الآونة الأخيرة من لبنان"، مؤكداً ان "الأرقام حول الضغوط على الليرة اللبنانية غير صحيحة وبعيدة عن الواقع"، وقال: "ليس هناك اي جهة تستطيع ان تعطي ارقاماً صحيحة بالنسبة الى سوق القطع الا مصرف لبنان". وذكر سلامة في تصريح الى "وكالة فرانس برس" ان "مصرف لبنان انتهج منذ سنوات عدة سياسة عدم الافصاح عن الأرقام التي يتدخل فيها في سوق القطع بائعاً كان أم شارياً. لذا فإن كل الأرقام المتداولة غير دقيقة وليست صادرة عن مصرف لبنان ويتحمل مسؤوليتها من يطلقها". وأوضح ان "مصرف لبنان ينشر اسبوعياً احصاءات عن الكتلة النقدية تدل في وضوح على زيادة حجم الودائع في لبنان بنسبة تفوق 10 في المئة على آخر 12 شهراً وبالتحديد بالعملات الاجنبية". وكانت قيادة الجيش مديرية التوجيه أعلنت انتهاء التحقيقات مع الموقوفين، وأن الهندي آخرهم "الذي ثبت انه اضافة الى اتصاله الهاتفي بالاسرائيلي أوديد زاراي كانت له لقاءات شخصية في الخارج مع مسؤولين اسرائيليين من خلال الوسيط باسيل..." ونقل الهندي وباسيل مساءً الى نظارة قصر العدل، ثم اطلع النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم على محاضر التحقيق الأولي معهما. وقالت مصادر قضائية ان عضوم أحال الهندي وباسيل الى القضاء العسكري، استناداً الى "شبهة" عنهما في ما يخص العلاقة مع اسرائيليين ليترك للمدعي العام العسكري الادعاء عليهما. وطلب ليلاً نقلهما الى نظارة المحكمة العسكرية. وكان عضوم استمع الى القياديين في "القوات" المحامي ايلي كيروز ورئيس مصلحة الطلاب فيها سلمان سماحة، الموقوفين في سجن رومية، "في شأن وقائع وردت في محاضر التحقيق مع كل من الهندي وباسيل من اجل التثبت منها" ثم أعيدا لاحقاً الى مكان توقيفهما. وكيروز وسماحة مدّعى عليهما بتهم مختلفة عن الوقائع التي سينظر فيها القضاء العسكري بالنسبة الى الهندي وباسيل. أما على صعيد الاتصالات السياسية، فان مصادر مطلعة اوضحت ان الرئيس لحود سيطلع صفير الثلثاء على نتائج التحقيقات التي جرت مع قادة "القوات" و"التيار العوني"، وعلى الاجراءات التي اتخذت من اجل تسريع احالتهم الى القضاء، وعلى المعطيات التي توفرت في شأن اتصالات بعض قياديي "القوات" مع اسرائيل. وذكرت ان هدف اللقاء طمأنة البطريرك الى ان ما حصل لا يعني عدم الاستمرار في سياسة الانفتاح عليه. ويأتي لقاء لحود - صفير غداة بدء محاكمة عشرات الموقوفين في المحكمة العسكرية الاثنين، حيث تترقب الأوساط القيادية المسيحية الأحكام التي ستصدر في حقهم في ظل أنباء عن إمكان تحقيقها. ويتزامن اللقاء أيضاً مع اجتماع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد في اطار الاتصالات التي تجريها دمشق مع عدد من القيادات للوقوف على رأيها في ما حصل وفي معالجة تفاعلاته، خصوصاً انها كانت اعلنت دعمها المطلق للحود عقب التوقيفات والخلافات التي ظهرت داخل جلسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي. ويعقب زيارة لحود لصفير، اجتماع لقاء قرنة شهوان الذي يضم تجمع الشخصيات والأحزاب المسيحية المعارضة، مع صفير لتقويم الموقف واتخاذ الخطوات المناسبة في المرحلة المقبلة. كما يعقبه الخميس اجتماع لحود مع جنبلاط. وذكرت مصادر سياسية عدة متطابقة ان جهوداً كبرى تبذل لأجل لملمة الوضع السياسي الذي نجم عن احداث الأسبوعين الماضيين، خصوصاً ان ما جرى من اتصالات لم يكن كافياً في معالجتها. وذكرت المصادر ان دخول دمشق على الخط وممارستها ثقلها هدفه التأكيد على توازن العلاقات بين اركان الحكم وممارسة كل من الرئاسات صلاحياتها، كذلك مجلس الوزراء، الذي كان عدم اطلاعه على تحركات القوى الأمنية أحد اسباب التأزم. وأوضحت هذه المصادر انه يواكب هذه الجهود تراجع عن تسريبات، تزامنت مع التحقيقات، حول امكان استدعاء شخصيات تشكل مفاجآت كبرى.