صدر أخيراً عن مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث كتاب للشاعر المغربي عبدالرفيع الجواهري رئيس سابق لاتحاد كتّاب المغرب يحمل عنوان "جامع الفنا... الصورة وظلالها". الكتاب عربون وفاء للتراث الشعبي المغربي ولذاكرة أشخاص من الحكواتيين والدهماء، ووفاء للمدينة مراكش الساحرة ولقلبها النابض بالحياة والتنوع: جامع الفنا. جامع الفنا أم جامع الفناء؟ سؤال طرحه الكاتب لكنه لم يجد له غير تفسيرين. أولهما أن البعض يريد أن تكون الساحة التي تحمل قسطاً من الذاكرة الشعبية مكاناً للفناء مع ما تحمل هذه الحركة من أهوال وبشاعة وما ترمز اليه من رؤوس تتدلى من على السطوح. وهذا يعتبره الكاتب امتحاناً بطبيعة الحال لكلمة حملت ما لا تحتمل لتوافق رؤى مسبقة وبناءات ذهنية جاهزة. ثاني هذين التفسيرين هو الفناء مع ما يرمز اليه من جمال وما يوحي به من رحابة وسعة. أي الجامع الذي يلتقي حوله ابناء المدينة ليلقوا أعباء يومهم لساعة استراحة أو ليتقاسموا همومهم ويتطارحوا قضاياهم. لكن الأكيد في نظر الكاتب هو أن نبض ساحة جامع الفناء ما زال يؤدي المعنى الذي نحته التاريخ وصاغته ثقافة المراكشيين. وهي مكان للمتعة ومكان لتلاقي أو تطارح الأفكار، ربما أصابها الوهن جراء التحريف، وربما أضحى تراثها الشعبي مجرد فلكلور بسبب عوامل التعرية الطبيعية وهاجس الربح والتسلية الرخيصة. يعتبر الجواهري في كتابه ان الثقافات متحولة واللغات متطورة، ومن العبث الحيلولة دون طبيعة الأشياء التي هي الحركة والتطور. ويعرض الجواهري فضاء ساحة جامع الفناء وحلقاتها وقاموسها وبعضاً من سدنتها.