هل تعود الصهيونية مجدداً شكلاً من اشكال العنصرية وهل سيستطيع الارقاء السابقون الحصول على تعويضات من مستعبديهم السابقين او حتى على اعتذار؟ يبدو ان الامر ليس بهذه السهولة. اذ فشل المفاوضون المجتمعون في جنيف منذ 15 يوماً للتحضير لمؤتمر الاممالمتحدة حول العنصرية المقرر عقده في دوربان في جنوب افريقيا، في التوصل الى اتفاق حول النقطتين المذكورتين اعلاه. وقاد حملة الرفض لأي مقارنة بين الصهيونية والعنصرية الولاياتالمتحدة ومعها الاتحاد الاوروبي. لكن الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي اعتبرت الحملة نوعاً من التضليل الاعلامي. ورأى سفير الجزائر في جنيف الذي يمثل المجموعة المذكورة انه "لا بد من ايجاد مستند في وثائق دوربان يشير الى الوضع الراهن في الشرق الاوسط. الامر يتعلق بتدهور كبير جداً لحقوق لانسان في فلسطينالمحتلة". هذه اللهجة العربية "المعقولة" اعتبرتها اسرائيل وحليفتها الولاياتالمتحدة "غير مقبولة". ورأى نائب مساعد وزير الخارجية الاميركي مايكل ساوثويك في كلمة القاها امام الحاضرين اول من امس ان هناك وفوداً اتخذت "مواقف متطرفة" مؤكداً ان جدول الاعمال في دوربان يجب ألا يخص دولة بعينها ويصفها بأنها عنصرية. ولم يلبث السفير الاسرائيلي لدى الاممالمتحدة في جنيف يعقوب ليفي ان اعرب عن "مشاعر احباط" مشيراً الى ان وفد دولته "سيعيد النظر في المشاركة" في مؤتمر دوربان المقرر عقده بين 31 الجاري و7 ايلول سبتمبر المقبل. واذ رأى ليفي "ان الصراع في الشرق الاوسط سياسي وليس عنصرياً" اشار الى مسودات اقتراحات الدول العربية والاسلامية بالقول: "للاسف وجدنا انفسنا في مواجهة اللغة المخزية نفسها في الوثيقتين". وليس اقل حساسية من موضوع عنصرية اسرائيل، كان موضوع دول الاستعمار سابقاً خصوصاً تلك التي مارست تجارة الرقيق. اذ ان هذه الدول ترفض ان يشار اليها باصبع الاتهام من قبل الدول التي تعرضت لاستعمارها او من قبل الضحايا التي مارست عليهم الرق. وتكتفي دول الاستعمار بإبداء أسفها ولا تصل الى درجة اعتذار شبيه بالذي قدمه كلينتون الى اليابانيين الذين اعتقلوا في الولاياتالمتحدة ابان الحرب العالمية الثانية، ولا الى درجة دفع تعويضات شبيهة بتلك التي دفعت لضحايا المحرقة النازية. وامام استحالة التسوية في الموضوعين ورغم الدعوات المتكررة للمفوضية العليا للامم المتحدة لحقوق الانسان ماري روبنسون التي ستتولى الامانة العامة للمؤتمر الدولي حول العنصرية، ترك المفاوضون لممثلي حكوماتهم في دوربان مهمة التوصل الى اتفاق. وتشكلت في جنيف مجموعتا عمل لمواصلة المساعي بعد فشل المفاوضين. هذا الفشل يمكن ان يدفع واشنطن الى مقاطعة المؤتمر مثلما قاطعت مؤتمرين سابقين حول العنصرية نظمتهما الاممالمتحدة في جنيف في 1978 و1983 بسبب مسائل مرتبطة بالشرق الاوسط. فهل يتكرر السيناريو نفسه ام تثمر المساعي لخفض سقف المطالب المعقولة اصلاً حول عنصرية اسرائيل ويدخل موضوع الرق في ذاكرة التاريخ تحت بند الأسف؟