تراكض التلاميذ الى غرفة الرسم في المدرسة. كانت الألوان الكثيرة مجتمعة فوق الطاولة، وقد علت أصواتها الحادة في جدال ومناقشة، وقف اللون الأحمر، ومدّ يده، مخاطباً الألوان الأخرى: - أنا الأقوى، أنا لون الدم، والنار فقاطعه اللون الأصفر بعصبية: - مهلاً أيها المغرور. ألا تعلم انني اللون المفضل عند الكثير من الشعوب؟ قام اللون الأخضر متبختراً وقال: كل الناس يحبون الربيع ولونه الأخضر! رفع اللون الأبيض يده وقال: - أنا لون النقاء، والمحبة، والسلام. كان اللون الأسود يستمع الى الحديث، وهو يسيل على حافة الطاولة كالإسفلت. توقف التلاميذ، مع معلمهم بعيداً من الطاولة، مستمعين الى حوار الألوان، وصخبها، منتظرين أن تنتهي هذه المعركة. تجمعت بعض الألوان، وصاحت جميعاً قائلة: - كل الألوان مهمة. كلنا مهمون، ولنا أماكننا في هذه الحياة. شاهدت الألوان لوناً كبير السن ينهض متمهلاً. ساد السكون. رفع اللون الكبير يده، وقال: - يا أولادي، أيتها الألوان الحبيبة، لا تتخاصموا، الدنيا تتسع للجميع. جلس اللون المسن، وعلا - من الناحية الأخرى - أكثر من صوت لألوان شابة، قائلة: - هيا نتحد. هذه الحياة أمامنا. إنها لنا. انظروا: الدنيا تمطر. هيا نري هؤلاء التلاميذ كم نستطيع أن نبهجهم بتعاوننا! انطلقت الألوان خارجة الى الفضاء، حيث أخذت قطرات المطر تتمهل، وفي الأفق البعيد تراصت الألوان على شكل قوس كبير، يتراقص في السماء بألوان كثيرة، مبهجة، وجميلة. اجتاحت صدور التلاميذ الأفراح فتراكضوا. ومن حولهم تطايرت العصافير تشاركهم النشيد. وحامت الفراشات في المكان مسرورة. * كاتب سعودي.