سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"معاريف" نشرت مقتطفات من الوثيقة المصنفة "سرية للغاية " . "شاباك" يعطي شارون تقويماً يناسبه : غياب عرفات عن الساحة يعود على اسرائيل بالنفع اكثر منه بالضرر
تقول وثيقة اعدها جهاز الاستخبارات الداخلية الاسرائيلي شاباك ونشرت صحيفة "معاريف" العبرية امس مقتطفات منها ان "غياباً" محتملاً للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عن الساحة يعود على اسرائيل بالنفع اكثر منه بالضرر. ويأتي الاعلان عن هذا التقويم في الوقت الذي يواصل رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون حملته الشديدة على عرفات التي يكرر فيها نعته ب"ابن لادن"، و"الكذاب"، في محاولة مكشوفة لنزع شرعيته تمهيداً لتوجيه ضربة قوية للسلطة الفلسطينية لزعزعة وتقويض اركانها وارغام عرفات على الخروج من الاراضي الفلسطينية. القدسالمحتلة - سائدة حمد بات وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز، آخر المخلفات الاسرائيلية من اتفاقات اوسلو، "العقبة" الوحيدة أمام التنفيذ الفوري لمخططات رئيس حكومته أرييل شارون ورئيس أركان الجيش شاؤول موفاز لإطاحة السلطة الفلسطينية، وتحديدا رئيسها عرفات. هذا ما خلصت اليه التقارير التي تكدست على مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي خلال الايام القليلة الماضية والتي تعزز رؤيته الشخصية التي لم تتبدل عن الفلسطينيين بصورة عامة وعن رئيسهم خصوصاً. وجاءت "الوثيقة" المصنفة "سرية للغاية" التي نشرت "معاريف" مقتطفات منها امس بعدما عكف على اعدادها جهاز الاستخبارات الداخلية "شاباك" منذ تشرين الاول اكتوبر بناء على طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك في حينه للرد على سؤال "عرفات ذخر أم عبء؟" لتلخص موقف المؤسسة الحاكمة في اسرائيل من الرئىس عرفات الذي وقع على اتفاقات مرحلية اعتبرت في اسرائيل قبل نحو ثماني سنوات "انتصارا للصهيونية" وباتت تشكل عبئاً ثقيلا على اليمين الديني الايديولوجي وعقبة كأداء امام تهويد ما تبقى من الاراضي الفلسطينيةالمحتلة. ويؤكد الفلسطينيون ان اسرائيل "لن تفكر ابدا بالفلسطينيين كشعب له حقوق، بل مشكلة يجري العمل على التخلص منها". وكشفت "معاريف" ان القسم الاول من "الوثيقة" يرد على سؤال: لماذا يكون وجود عرفات ضرورياً؟ ويعطي اربع حجج رئيسية هي: عرفات اقر بوجود اسرائيل واطلق معها مفاوضات. - وهو اعلن التزامه عملية السلام. وهو يمثل السلطة العليا لدى الفلسطينيين وهو وحده القادر على اتخاذ القرارات الصعبة. والحجة الرابعة هي انه بعد غياب عرفات، قد تقع السلطة الفلسطينية في يد عناصر اسلامية راديكالية او عناصر موالية لايران وسورية وقد يتحول الوضع الى فوضى. وفي القسم الثاني من الوثيقة، يقدم جهاز "الشاباك"، بحسب الصحيفة، 17 حجة على الاقل تدعم الفرضية النقيضة، وتذكر "معاريف" الحجج الرئيسية فيها وهي: - عرفات قائد خطر قادر على جر المنطقة الى انفجار اقليمي. - عرفات يهدد المكسب الاستراتيجي الذي تمثله اتفاقات السلام المبرمة مع مصر والاردن بالنسبة الى اسرائيل. - لا يزال عرفات يعتبر العنف والارهاب من وسائل الكفاح المشروع. - عرفات لن يتنازل ابداً عن القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وعلى المدى الطويل الى كل فلسطين. -عرفات لا يوحي بالثقة وهو يكذب بشكل مرضي. - عرفات فنان في الاعلام والدعاية وينجح في كسب التأييد العالمي. - يريد ان يظهر كأب للشعب الفلسطيني، لذلك لن يكافح ابدا بنجاعة المؤسسات الاسلامية المتطرفة وسط السكان الفلسطينيين. ويتناول الفصل الثالث من "الوثيقة"، وهو الاكثر اثارة في نظر الاسرائيليين، تحليلاً للوضع "ما بعد عرفات". ويرى معدو الوثيقة انه "في حال اختفاء عرفات من الحلبة" سينشب صراع داخلي فلسطيني ومن الجائز الافتراض ان السلطة ستدار من قبل ائتلاف اوساط امنية - علمانية و"سينشغل الفلسطينيون لفترة طويلة مع انفسهم، وستضعف مكانة القيادة الفلسطينية في العالم، والزعيم الجديد سيرتبط بدعم زعماء عرب وسيتعزز تأثير الاردن ومصر على الفلسطينيين، وستكون القيادة الجديدة اكثر براغماتية واقل دينية واكثر شبابا، وسيضعف دعم العالم للفلسطينيين". وتخلص الوثيقة الى ان عرفات "يشكل خطرا شديدا على الدولة، واضرار اختفائه اقل بكثير من اضرار وجوده". وعقبت "معاريف" على ما ورد في الوثيقة بالقول: "من اجل التخلص من عرفات، على شارون التخلص اولا من شمعون بيريز، الا ان شارون لا يريد التخلص من بيريز لان الاخير يحمل معه مفتاح بقاء حكومة الوحدة. ولذلك فإن شارون يسير بخطوة مزدوجة: ارهاق بيريز من جهة وعزله من جهة ثانية". واشارت صحيفة "هآرتس" في مقال لها بعنوان "رياح الحرب" الى ان شارون نفسه ابدى "نفاد صبر" في جلستي "المطبخ الامني" والحكومة الامنية المصغرة الاسبوع الماضي وجدد خلالهما انتقاداته القاسية لاتفاقات اوسلو، واحتد النقاش بينه وبين بيريز. واضافت الصحيفة ان "صور شارون المبتسم واللطيف بدأت تتبدد". وفي الحلبة السياسية الاسرائيلية يقف وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر ورئيس اركان جيشه الجنرال موفاز في انسجام كامل بشأن "تشخيص نيات عرفات" الذي تقدمه شعبة الاستخبارات العسكرية. فكلاهما متفقان، حسب المصادر الاسرائيلية، على ان عرفات "يحاول خداع اسرائيل ولا يطبق اتفاقات الهدنة وقف النار" واشارا في الاجتماع الامني الاخير الى ان الزعيم الفلسطيني "يقود الى التصعيد". غير ان وزير الدفاع ورئيس الاركان يختلفان في "الاستنتاج". اذ يسعى موفاز الى دفع شارون ومجلسه الوزاري للمصادقة على تنفيذ "خطة عسكرية شاملة" تشكل في نظره "حلاً جذرياً للعنف الفلسطيني"، بينما يؤيد بن اليعيزر "خطوات رد مشابهة للتي اتخذت حتى الآن ولكن بجرعات اكبر". ويرى شارون الذي لم يحظ طوال حياته السياسية والعسكرية بهذه النسبة العالية من التأييد الشعبي طوال الخمسين عاماً الماضية، انه لا ينبغي ان يفقد هذه الشعبية، خصوصاً وان منافسه بنيامين نتانياهو يقف له بالمرصاد. ووفقاً لنتائج استطلاع للرأي اجراه معهد "غالوب" ونشرت نتائجه "معاريف" امس فإن الجمهور الاسرائيلي "لا يزال يمينياً" في ما يتعلق بالمسيرة السياسية واخذ يبدي "بوادر نفاد صبر" تجاه سياسة شارون ويطالبه ب"نتائج سريعة". واظهر الاستطلاع انخفاضا بنحو 10 في المئة في نسبة من اعلنوا رضاهم عن سياسة شارون في "المجال الامني". واشار الى ان 42 في المئة من الاسرائيليين "راضون" عن تلك السياسة، مقابل 51 في المئة في الاسبوع الماضي.