أكد مستشار وزارة الخارجية التركية اوغور زيال أن مسألة الطلعات الجوية التي تنفذها الطائرات الأميركية والبريطانية فوق شمال العراق تُحل بين بغداد والأكراد في هذه المنطقة، معتبراً أن لا خلاف بين سورية وتركيا على مياه الفرات. وأكد في تصريحات إلى "الحياة" أن أنقرة ما زالت تنتظر زيارة وفد سوري للبحث في توقيع "إعلان مبادئ"، مستغرباً تأخرها، ومشدداً على أن دمشق "فهمت خطأ" أن تركيا ربطت زيارة الرئيس بشار الأسد بشرط معين. ورأى أن مقاطعة بلاده إسرائيل "لن تأتي بنتيجة"، منوهاً بأهمية "الحوار" من أجل انهاء "العنف" في المنطقة. وذكر أن المناورات الجوية المشتركة مع سلاح الطيران الإسرائيلي "لم تكن مجانية بل دفعت إسرائيل أجراً" لتركيا. في أول رد رسمي تركي على تصريحات نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز الذي اعتبر أنقرة شريكاً في "الجرائم التي تقوم بها المقاتلات الأميركية والبريطانية بحق المدنيين العراقيين"، قال مستشار وزارة الخارجية التركية ل"الحياة" إن هذه "ليست المرة الأولى التي يشكو فيها العراقتركيا بخصوص الطلعات الجوية فوق شماله، وأنقرة لا تتحمل مسؤولية ما ينتج عن هذه الطلعات، فالجميع يعرف الظروف التي أوجدت منطقتي الحظر الجوي، ونحن لم نلعب دوراً في فرضهما". ورأى أن حل مسألة الطلعات الجوية فوق شمال العراق في يد بغداد و"الذين يقيمون في الشمال" في إشارة إلى الأكراد. وأضاف انه في حال اتفاق الطرفين و"انهاء انعدام الثقة بينهما ستزول المسألة ولن تبقى حاجة لهذه الطلعات". وزاد ان لدى أنقرة أقوالاً مغايرة في شأن قصف الطائرات الأميركية مواقع في الشمال. وتطرق إلى العلاقات التركية - السورية، مؤكداً أن أنقرة تنتظر زيارة وفد سوري للبحث في توقيع "إعلان المبادئ". وقال: "زرت دمشق العام الماضي وما زلنا في انتظار رد الزيارة من الطرف السوري، ولا نعرف لماذا تأخر. ليس شرطاً أن نتقيد بتوقيع إعلان مبادئ، فعلاقاتنا مع سورية تخطت ربما هذه المرحلة، ونحن جاهزون لتوقيع اتفاق أكثر شمولية، ولكن علينا تسوية الخلافات العالقة من خلال الحوار، ومستعدون لمناقشة أي صيغ وسط تقترحها دمشق لإنهاء هذه الخلافات". وعن مسألة تقاسم مياه نهري دجلة والفرات، وملف المياه عموماً، قال زيال: "لا بد من مناقشة مسألة المياه اقليمياً، فمصادر المياه تقل ولا بد أن نتعاون جميعاً لتسوية هذه المشكلة. وفي ما يخص توقيع اتفاق مع دمشق بهذا الصدد، نقول إن ليست هناك الآن خلافات بيننا على مياه الفرات، فنحن لا نستخدم المياه كسلاح ضد العرب، وسورية على اطلاع كامل على قدراتنا المائية. نحن لا نخفي شيئاً وهم يبدون تفهماً لمنسوب المياه المتدفق من الفرات. أما إذا كان المطلوب توقيع اتفاق للتعاون فمن الأولى تعزيز الثقة بين البلدين أولاً، وعلى وزارتي الخارجية مسؤولية استمرار الحوار، وعلى السوريين أن يتواصلوا معنا ويرسلوا هيئة سياسية للبحث في هذه المواضيع". وعن زيارة الرئيس بشار الأسد لأنقرة، قال زيال: "يسعدنا استقباله، ووجه إليه الرئيس أحمد نجدت سيزر الدعوة مرتين، وربما فهم الجانب السوري خطأ اننا نربط زيارة الرئيس الأسد بشرط معين. أبداً، لا توجد شروط، لكننا نريد أن تكون زيارة ناجحة، تعكس انطباعاً حسناً لدى الشعبين، لذلك يجب التحضير لها جيداً. جاء نائب الرئيس السيد عبدالحليم خدام إلى أنقرة، واتفقنا على ترتيبات معينة من أجل الزيارة، وعلى رغم ذلك، لم يبق الجانب السوري هذا الاتجاه، ولا نعلم ماذا حدث في شأن تلك الترتيبات". وعشية استقبال أنقرة وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن اليعيزر بعد أيام، أكد مستشار وزارة الخارجية التركية اقتناع بلاده بأن "الحوار" مع الدولة العبرية هو "الطريق الوحيد للتوصل إلى مخرج من الوضع المتأزم"، لافتاً إلى أن "سياسات المقاطعة لن تأتي بنتيجة". وقال زيال إن تركيا "تستغل علاقاتها مع تل أبيب للخروج من دائرة العنف، ومن أجل حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة وانشاء دولتهم". وعن المناورات العسكرية الإسرائيلية - التركية التي بدأت تتزايد أخيراً، قال زيال: "العرب يدركون جيداً أن هذا التعاون في مجال التدريب العسكري هو جزء من علاقاتنا مع إسرائيل وليس الأساس فيها، وهو ليس موجهاً ضد العرب، ونحن مستعدون لاجراء تدريبات مشابهة مع أي دولة عربية ترغب في ذلك. وللعلم، المناورات الجوية التي أجريت أخيراً فوق قاعدة قونية التركية، كانت تدريبات روتينية في مقابل أجر دفعته إسرائيل، وليست مجاناً". وختم زيال مؤكداً تفاؤله بمستقبل العلاقات بين بلاده والدول العربية، لافتاً إلى أن تركيا استقبلت أخيراً عدداً من المسؤولين العرب يفوق عدد المسؤولين الأوروبيين الذين ترددوا عليها.