لابن مماتي هو أحدث كتاب صدر ضمن سلسلة التراث التابعة للهيئة المصرية للكتاب، من تحقيق وتقديم نسيم مجلي، ويقع في 270 صفحة من القطع المتوسط. يتناول الكتاب التلخيص الوافي الذي قام به ابن مماتي لكتاب "الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" الذي صنّفه أبو الحسن علي بن بسام الشنتربني، ويتحدث عن تاريخ الأندلس السياسي والأدبي في القرن الخامس الهجري، كما يقدم تحليلاً للأسباب التي أدت الى زوال دولة الأمويين في الاندلس، وخراب القيروان وأسبابه. وصنف ابن مماتي هذا الكتاب أثناء إقامته في حلب استجابة لطلب الوزير ذي البلاغتين، محمد بن الحسين، وزير السلطان الايوبي الملك الظاهر، اذ كرّم هذا الوزير ابن مماتي، وأحسن معاملته، وأطلعه على خزانة كتبه، ومن جملتها كتاب "الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" والذي يصنفه ابن مماتي فيقول: "هو كتاب جليل المقدار، جميل الأثار، منتظم من عقود عقول الفضلاء، وفصوص فصول الأدباء، ما تغص به الأقطاب والأقطار، ويملأ ساحات الليل والنهار". ونظم ابن مماتي الكتاب ورتبه، اذ عمل على تجريد غالب المختارات الشعرية مما يدور حولها من مناسبات ليعرف هل يمكن تذوق هذه الاشعار وفهمهما من دون ذكر المناسبة التي قيلت فيها والمحافظة على أجمل ما في هذا الأثر من أشعار وأفكار. يتألف الكتاب من مقدمة وخمسة أقسام، أولها يتناول المختار من الأشعار، ويتضمن بعض المختارات الشعرية لخمسة وتسعين شاعراً، منهم عبادة بن ماء السماء، ابو محمد الصقلي، أبو جعفر بن اللمائي، أبو محمد بن هود، والأصبع بن ارقم. والثاني يتناول الشعراء الوافدين على جزيرة الاندلس، والثالث يعرض للشعراء المقلين من بلاد الشرق ومنهم ابو بكر يحيى بن الزيتوني، ابو محمد بن الطلاء المصري، وابو العرب الصقلي، أما الرابع فيتضمن بعض القصائد والأقاويل لأبي الوليد بن زيدون، وابن الرومي، وابن بسام، وابي بكر الداني المعروف بابن اللبانة. والفصل الخامس والاخير يقدم اسباب زوال دولة الامويين من الاندلس إضافة الى ذكر اخبار بعض الوزراء وأخبار الفتن. ومن المعروف أن ابن مماتي كاتب وشاعر ورجل دولة، عاش في عهد الايوبيين، وألّف اكثر من عشرين كتاباً، ولكن القراء لا يعرفون له سوى كتابين "الفاشوش في احكام قراقوش"، و"قوانين الدواوين"، وقيل له "مماتي" لأنه وقع في مصر غلاء عظيم، وكان كثير الصدقة والإطعام، خصوصاً لصغار المسلمين فكانوا اذا رأوه نادى كل واحد منهم ممّاتي فاشتهر به. أصله من نصارى اسيوط من صعيد مصر، واتصل جده أبو المليح بأمير الجيوش بدر الجمالي وزير مصر في أيام الخليفة المستنصر بالله، وكتب في ديوان مصر.