توقف القطار المدرع الخاص بالزعيم الكوري كيم جونغ ايل عند محطة "حسن" على الحدود الروسية. وبعد مراسم قصيرة عاد "القائد المحبوب" الى القطار واصطف المودعون على الرصيف، لكنهم حاروا في اتجاه اية عربة يلوحون، إذ ان النوافذ كلها معتمة ولا توجد علامة فارقة تميز عربة عن غيرها. يمضي الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل عشرة ايام في رحلة تقوده بالقطار الى موسكو بعدما رفض ان يستقل الطائرة خوفاً، فيما أشارت مصادر مطلعة على الخفايا الكورية الى أنه أراد ان يكرر الطريق الذي قطعه والده كيم ايل سونغ مؤسس كوريا الشوعية. وانتهز كيم الابن الفرصة لزيارة مدينة فاباروفسك التي ولد فيها ابان الحرب العالمية الثانية، والتربع على كرسي كان جلس عليه والده المعروف ب"الشمس الساطعة". ولم يترك كيم الابن شعبه من دون "رعاية"، فالقطار عبارة عن غرفة عمليات متنقلة فيها كل وسائل الاتصال والتحكم، إلا انه أقدم على هذه الرحلة الطويلة، وهي الثانية له منذ تولي السلطة عام 1994 بعد زيارته الصين، لكي يبحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جملة من القضايا. ولعل في مقدمة مواضيع البحث، البرامج الصاروخية الكورية التي تثير مخاوف الولاياتالمتحدة. وطلبت مستشارة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس الموجودة في موسكو من الروس ان يثيروا هذا الموضوع مع كيم جونغ ايل. وذكرت ان الصواريخ الباليستية التي تصنعها كوريا الشمالية وتبيعها "قد تقع في يد دول تهدد روسيا". إلا أن ناطقاً باسم القيادة الروسية قال لوكالة "انترفاكس" ان موسكو "تتفهم" مطالبة الكوريين ب"ضمانات امنية"، في مقابل تخليهم عن البرامج الصاروخية. ورأى محللون ان روسيا يمكن ان تستثمر الصواريخ الكورية كورقة اضافية في محادثاتها مع الأميركيين في شأن الاستقرار الاستراتيجي ومصير معاهدة الردع الصاروخي. وكشفت مصادر روسية ان الكرملين سينظر في احتمال تزويد بيونغ يانغ معدات عسكرية، ولكن "في إطار التوازن" العسكري في شبه الجزيرة الكورية. ومعروف ان موسكو تحتفظ بعلاقات طيبة مع الدولتين الكوريتين. وأعلن وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف امس ان لبلاده مصلحة سياسية واقتصادية في تحقيق مصالحة بين الشمال والجنوب والمشاركة في مشاريع مهمة، بينها ربط سكة الحديد المارة عبر كوريا بسكة تخترق سيبيريا الى أوروبا، ما يسمح بنقل البضائع الكورية الجنوبية الى الدول الأوروبية عبر القطار. وتطمح بيونغ يانغ الى استخدام روسيا كجسر للتواصل مع العالم وكسر العزلة الديبلوماسية التي تعانيها. وكانت روسيا في عهد الرئيس السابق بوريس يلتسين ساهمت في تشديد عزلة الكوريين، ولكن الرئيس فلاديمير بوتين اتبع سياسة جديدة فحواها اقامة قنوات للاتصال مع الدول "المنبوذة" التي لا تريد واشنطن التعامل معها مباشرة. وتحصل موسكو في مقابل ذلك، على ثمن سياسي يتمثل بتعزيز نفوذها في مناطق الجوار، خصوصاً في المحور القريب من الصين واليابان. كما تأمل في الحصول على مكافآت اقتصادية سواء من طريق مد خطوط السكك الحديد أو المشاركة في استثمار الثروات الطبيعية في شمال كوريا.