يدرس المسؤولون الاسرائيليون وضع لائحة بدول قد يواجهون فيها محاكمات بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد العرب. وقال المحامي الدكتور شبلي الملاط أحد المحامين الثلاثة عن ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا في الدعوى في بلجيكا على رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، ان تعيين الأخير محامياً بلجيكياً للدفاع عنه "يثبت ان الدعوى المقامة عليه في بلجيكا بسبب دوره في مجزرة صبرا وشاتيلا مقلقة له، وان تطور الأمور بعد اقامة الدعوى تثبت حجيّة الوقائع التي هو متهم فيها". وكانت اذاعة الجيش الاسرائيلي بثت امس ان شارون عين المحامي البلجيكي لوك والين للترافع فيها أمام القضاء في بلجيكا في حال توجيه التهمة اليه بناء على هذه الدعوى. وأضافت الاذاعة ان مكتب شارون الذي كان يميل الى عدم أخذ امكان توجيه التهمة على محمل الجد، قرر في النهاية اتخاذ هذا الاجراء بناء على توصيات المستشار القانوني للحكومة الاسرائيلية الياكيم روبنشتاين. وأقر شارون في تصريحات للصحافيين امس أدلى بها بعد اجتماع لكبار اعضاء حزب ليكود الذي يرأسه عقده في مستوطنة يهودية مقامة على أراضي نابلس لمشروع حكومته إجراء مسح لما سمته الصحافة الاسرائيلية "الدول المثيرة للمشاكل"، أي التي تتيح أنظمتها القضائية اعتقال ومحاكمة اجانب متهمين بارتكاب جرائم حرب. وقال شارون: "الإجراءات التي تتخذها الحكومة الاسرائيلية، ليست قضيتي الشخصية، ويتم التعامل معها بالتعاون مع وزارة الخارجية ... الهدف من القضية ضدي في بلجيكا ومن قضايا اخرى يتوقع رفعها ضد اسرائيليين آخرين هو المس باسرائيل والشعب اليهودي، ولذلك نبذل جهوداً لوقفها". وقال الدكتور الملاط ل"الحياة" تعقيباً على خطوة شارون ان "من الأسهل ان يكون المرء محامياً لضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا من ان يكون محامياً لشارون". وأضاف ان تعيين شارون محامياً بلجيكياً للدفاع عنه هو "بداية اقرار بصلاحية القضاء البلجيكي للنظر في الدعوى المقامة ضد شارون بفضل التوثيق المرتبط بمجزرة صبرا وشاتيلا، حسب القانون البلجيكي". وزاد الملاط: "كنا نعلم ان طاقماً قانونياً كبيراً في اسرائيل تولى النظر في الاحتمالات المتعلقة بالدعوى المقامة ضد شارون، والآن يبدو ان قوة الحجج القانونية حملت شارون على أخذ القضية على محمل الجد". ويجدر بالذكر ان القاضي البلجيكي باتريك كولينيون الذي كلف النظر في الدعوى عاد من اجازة في الحادي والعشرين من الشهر الجاري ويفترض ان يراجع أوراق القضية التي يبلغ مجموعها ألف صفحة تقريباً. وكشفت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، امس ان ضباطاً كباراً في اجهزة الأمن الاسرائيلية المختلفة يبدون مخاوف جدية من امكان اعتقالهم في دول أوروبية اثناء زيارتهم لها بتهمة ارتكابهم جرائم حرب. وزادت ان عدداً منهم توجه الى الخارجية الاسرائيلية للاستفسار عن هوية الدول التي قد تقدم على اجراء كهذا. واضافت ان القلق يساور، على نحو خاص، ضباطاً ميدانيين يشاركون في قمع الانتفاضة الفلسطينية. وحسب الصحيفة فإن الخارجية الاسرائيلية تأخذ امكان اعتقال اسرائيليين مأخذ الجد وبخاصة في اعقاب الدعوى القضائية التي اقيمت ضد شارون في بلجيكا، اضافة الى الضجة التي اثارها في الدانمارك تعيين رئيس جهاز الاستخبارات العامة الشاباك الأسبق كرمي غيلون سفيراً واعترافه بتعذيب معتقلين فلسطينيين. وزادت الصحيفة ان الخارجية الاسرائيلية تقوم بدراسة القانون الجنائي في عدد من الدول الأوروبية وبخاصة حيث يمكّن القانون من اعتقال مجرمي حرب وتقديمهم للمحاكمة، وانه من شأن قانون كهذا ان يؤدي الى اعتقال ضباط استخبارات نشطوا في لبنان اثناء احتلاله أو في المناطق الفلسطينية. ونقلت الصحيفة عن مصدر في الخارجية قوله ان مسألة فحص القانون الجنائي في هذه الدول ليس ب"لعبة أولاد" انما جدية وخطيرة. وقالت ان اسرائيل ترى في بلجيكا اساساً "أساس المشكلة" اذ يمنح القانون صلاحيات واسعة لمحاكمة مجرمي حرب ارتكبوا جرائم خارج بلجيكا. واعتبرت مصادر في الخارجية ان مسألة احتمال اعتقال اسرائيليين تطرح بقوة، في الآونة الأخيرة "على خلفية محاولات نزع الشرعية عن اسرائيل والحركة الصهيونية". يذكر ان شارون كان وزيراً للدفاع عندما اجتاح الجيش الاسرائيلي لبنان واحتل العاصمة بيروت. وحملت لجنة تحقيق اسرائيلية شارون بعد مجزرة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها ما بين 800 وألفين مدني فلسطيني بأيدي الميليشيات المسيحية اللبنانية المتحالفة مع اسرائيل "مسؤولية غير مباشرة" في المجازر. وفي بروكسيل أ ف ب استمع قاضي التحقيق باتريك كولينون امس الى واحدة من مقدمي الشكوى، سعاد سرور الناجية الفلسطينية من المجزرة، كما أعلن أحد محاميها مايكل فيرهايغي. وقال فيرهايغي: "بإمكان قاضي التحقيق استدعاء شارون في اطار التحقيق".