كشف رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري النقاب عن أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك أبلغه نية الاتحاد الأوروبي التقدم بمبادرة لتحريك العملية السلمية في منطقة الشرق الأوسط. ولم يفصح الحريري عن مضمون المبادرة وطبيعتها. وقالت مصادر ان شيراك والحريري توافقا على ضرورة انخراط المجموعة الأوروبية في العملية السلمية من خلال اعداد مبادرة سلمية شاملة، خصوصاً ان سورية ولبنان والسلطة الفلسطينية ترغب في التوصل الى تسوية شاملة وأن التعثر على هذا الصعيد سببه اسرائيل التي لم تتخذ قرارها بعد. كذلك توافق الحريري وشيراك على ان المجموعة الأوروبية باتت في صورة المواقف النهائية للأطراف المعنية بالعملية السلمية وعلى ان الخروج من المأزق الراهن هو في العودة الى قرارات الشرعية الدولية وأسس مؤتمر السلام في مدريد. وعلمت "الحياة" ان الحريري حض الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن خافيير سولانا عندما التقاه امس في حضور المنسّق الأوروبي لعملية السلام ميغيل أنخيل موراتينوس على ان يقوم الاتحاد الأوروبي بدور فاعل في الشرق الاوسط، اضافة الى ان وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا بن برادشو سمع منه الموقف نفسه. ونقل عن الحريري قوله امامهما ان الوضع في المنطقة لا يجوز ان يبقى اسير التصعيد الاسرائيلي وأن الدعوة الأوروبية الى استمرار ضبط النفس لا تكفي لإنهاء التوتر في المنطقة ما لم تبادر الاطراف الدولية الى اطلاق مبادرة تؤدي الى تحقيق سلام شامل في الشرق الاوسط. وأوضح الحريري امام سولانا وبرادشو "ان جميع الموفدين الأوروبيين والأميركيين يأتون الى بيروت ويدعوننا الى ضبط النفس، في اشارة الى الوضع الراهن في مزارع شبعا المحتلة، وكأنه يُطلب منا ان نريح رئيس وزراء اسرائيل ارييل شارون ليبقى فيها، بدلاً من طرحهم البدائل. ولا اظن ان هناك من بدائل من دون تحريك العملية السلمية على المسارات كافة للولوج الى الاهداف المرجوة منها". حض الحريري المجتمع الدولي على العودة "الى مقاربة كلية شاملة لعملية السلام في الشرق الأوسط والتخلي عن سياسة فصل المسارات ومعالجتها منفردة". ورأى "ان الرضوخ الى المطلب الإسرائيلي بوقف الانتفاضة قبل العودة الى العملية السياسية أو القبول بمراقبين دوليين يضع هذه العملية في طريق مسدود". وأكد رئيس الحكومة ان الدعوة الى التهدئة غير كافية ما لم تكن مقرونة بحلول سياسية شاملة للمنطقة، مشيراً الى ان ليس من مصلحة الدول التي اجتمعت في جنوى ان تنتهي الى موقف يقضي بإرسال مراقبين الى اسرائيل. وسأل الحريري: "هل بات ارسال المراقبين يشكل انتصاراً لهذه الدول، تماماً كما يتصرف البعض وكأنه حقق تقدماً عندما يؤمّن اجتماعاً للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بوزير خارجية اسرائيل شمعون بيريز او يحضّر الاجواء لرعاية لقاء امني فلسطيني - اسرائيلي؟". وأكد الحريري للمسؤولين الأوروبيين ان هذه الاجراءات او سواها مثل "تقرير ميتشل" لا يمكن ان تحل المشكلة، وبالتالي لا يجوز ان تبقى الدول المعنية تراوح في مكانها وبات عليها ان تأخذ المبادرة. ووصف سولانا زيارته بيروت بأنها مثمرة وقال قبل ذهابه الى إسرائيل: "أغادر لبنان بانطباع ان العلاقات بين لبنان وأوروبا ستتحرك في الاتجاه الصحيح، وآمل ان تتحرك بسرعة". ونفى ان يكون ناقش مع المسؤولين اللبنانيين مسألة إرسال الجيش الى الجنوب.