منيت القمة الهنديةالباكستانية في مدينة آغرا بفشل خيّب آمال الذين توقعوا ان ترسي دعائم مصالحة تاريخية بين البلدين النوويين. وعجز زعيما البلدين أمس، بعد محادثات دامت اكثر من 20 ساعة، عن الاتفاق على صوغ إعلان مشترك. واجتمع الرئيس الباكستاني برويز مشرف مع رئيس الوزراء الهندي آتال بيهاري فاجبايي لمدة ساعة قبيل مغادرته حسب ما كان مقرراً إلى اسلام آباد عند منتصف الليل بالتوقيت المحلي راجع ص8. وتبادل الطرفان اللوم حول سبب عدم التوصل الى اتفاق. وكانا قاربا التوقيع على مشروع اعلان مشترك بعد تداوله بينهما ثلاث مرات، الاّ أن الجانب الهندي تراجع بسبب اصرار الباكستاني على تضمين عبارة تشير الى ان "تحسين العلاقات بين البلدين يرتبط بتحقيق تطلعات الشعب الكشميري". وتحول "يوم المكاسب التاريخية" الذي كان يأمل به مشرف وفاجبايي، إلى "فرصة ضائعة" في تاريخ البلدين اللذين يخوضان نزاعاً مزمناً على كشمير. وتأجلت فرص الحل الى قمة مقبلة قد تعقد هذه المرة في لاهور بعد ثلاثة أشهر. وكان الرئيس مشرف واضحاً في دعوته صباح أمس الى ربط كل الحلول بين الهندوباكستان بتسوية مرضية لقضية كشمير تطلق ما سمّاه ب"ديبلوماسية الخطوات الأربع" والتي تتضمن بدء الحوار، وهو ما شكلته قمة آغرا والاتفاق على الاجتماع في لاهور لاحقاً، وعلى وضع اطار للمفاوضات يقوم على اعتبار كشمير "المسألة" الرئيسة للنزاع بين البلدين، وهو ما لم يتحقق في هذه المرحلة. ومن اللافت ان معارك ضارية وهجمات انتحارية أسفرت عن عشرات القتلى في صفوف الجانبين على الخط الفاصل بين شطري كشمير، رافقت مفاوضات الساعات ال24 الماضية. وجاء هذا التصعيد ليذكّر الزعيمين المجتمعين في مدينة آغرا التاريخية، بالمخاطر التي يحملها استمرار التوتر في هذه المنطقة الحدودية التي تطالب بها الهند، وتدعو باكستان الى تبني حل دولي في شأنها يراعي تطلعات السكان. وكان وزيرا خارجية البلدين واصلا اجتماعاتهما مع مساعديهما، حتى الرابعة من فجر أمس، ثم عاوداها من الظهر الى التاسعة والنصف مساء، بعدما أوكلت اليهما مهمة صوغ الاعلان المشترك الذي كان يفترض ان يحمل آلية الحل بين الجانبين بخصوص قضية كشمير. وعند التاسعة والنصف جاء نبأ الفشل محبطاً الآمال التي علّقت في اليوم السابق على نجاح القمة. وأفيد ان الجانبين سيصدران بياناً مشتركاً بدل الاعلان المشترك المنتظر، قبل ان تسري أنباء اخرى لاحقة عن اجتماع أخير بين مشرف وفاجبايي، سبق مغادرة الرئيس الباكستاني منتصف الليل، عائداً مع مساعديه الى اسلام آباد. ثم عادت المصادر الهندية وأكدت ان البيان المشترك أيضاً قد لا يصدر، ما عزز انطباع الصحافيين بوجود أزمة مستعصية بين الجانبين تعذر تجاوزها، على رغم حرص الزعيمين على عدم العودة الى شعبيهما خاليي الوفاض. وفي وقت أشارت مصادر مطلعة الى ان نقطة الخلاف الرئيسة تمثلت في رغبة الهند في الحصول على التزام باكستان وقف ما تسميه "الارهاب عبر الحدود"، والذي وصفه مشرف في تصريح صباحاً ب "حرب تحرير"، في اشارة الى مقاتلي الفصائل الكشميرية الذين يشنون منذ عام 1989 حرب عصابات ضد 600 ألف جندي هندي يتمركزون في كشمير. وتم تبادل مشروع الاعلان مرات عدة بين الجانبين، الاّ أن الجانب الهندي اتهم الباكستاني بعدم الاستجابة لطلبه، على رغم ابداء نيودلهي استعدادها للاعتراف بكشمير كقضية مركزية. وحاول البعض في آغرا التقليل من أهمية الاخفاق، مشيراً الى ان الحوار انجاز بحد ذاته، وان التوصل الى تسوية آنية ليس أمراً عاجلاً لانهاء نزاع يتجاوز عمره نصف قرن. ولفت الى القمة الثنائية المقبلة التي ستعقد في مدينة لاهور التي يعتقد ان رئيس الوزراء الهندي سيزورها في ايلول سبتمبر المقبل، تلبية لدعوة وجهها اليه مشرف لزيارة باكستان. وكان فاجبايي اجتمع صباح امس مع اللجنة الحكومية الأمنية المصغرة قبيل لقائه مشرف. وغالب الظن ان وزير الداخلية الهندي لال كريشنا ادفاني يقف وراء التشدد بخصوص مسألة الارهاب عبر الحدود، والمطالبة بالتزام باكستاني بهذا الخصوص، باعتبار ذلك مكسباً استراتيجياً تحتاجه الهند التي ضعفت معنويات قواتها في كشمير نتيجة الهجمات المستمرة عليها.