الدمام - "الحياة" - لماذا تغيرت عروض المنتخب السعودي في كأس العالم 1998، والتي وصلها بجدارة؟ ولماذا لم يقدم نصف ما قدمه في كأس العالم السابقة في الولاياتالمتحدة عام 1994؟ وهل كان ذلك بسبب مطالبة الجمهور ووسائل الاعلام العربية والمحلية بتحقيق نتائج افضل عنها في عام 1994، ام ان الثقة الزائدة وافتقاد اسلوب اللعب الواقعي جعلا نجومه يهملون اشياء كثيرة في المباريات؟، ام ان المدرب البرازيلي الخبير كارلوس البرتو بيريرا، الذي اشرف على المنتخب وقتذاك، لم يحسن توجيه عناصره بالشكل السليم، واكتفى بالتالي بالسير على خط التماس "مرعوباً" خلال المباريات؟ قد تكون كل هذه الامور مجتمعة تسببت في عدم عكس "الاخضر" الصورة المشابهة لما ظهر عليه في عام 1994، وقد لا تكون، ولكن الامر المؤكد ان "الاخضر" حقق انجازاً كبيراً بتأهله الى نهائيات كأس العالم للمرة الثانية على التوالي، مثبتاً بالتالي مقولة ان الكرة المحلية لن تتخلى عن الموقع العالمي الذي احتلته منذ عام 1994. اختلاف صحيح ان كرة القدم السعودية وصلت العالمية عام 9419، وبقيت فيها في البطولة التالية عام 9819، الا ان حال "الاخضر" اختلفت كثيراً في المرة الثانية، ان لجهة الاداء او النتائج، التي وقعت اسيرة الاخفاق في الدور الاول على رغم وفرة النجوم في صفوفه من امثال الحارس محمد الدعيع ومحمد الخليوي، وخالد مسعد وعبيد الدوسري وابراهيم سويد وخميس الدوسري، وابراهيم ماطر، وسامي الجابر وسعيد العويران وفهد المهلل وعبدالله سليمان وسواهم من افراد المنتخب السعودي الذين كانوا ابلوا بلاء جيداً في التصفيات. ويذكر الجميع ان المنتخب السعودي لعب في طريق بلوغ نهائيات مونديال فرنسا عام 9819ضمن المجموعة الأولى في الدور الاول، و تصدرها برصيد 16 نقطة نتجت من 5 انتصارات على تايبي 2-صفر ذهاباً و6-صفر اياباً، وبنغلاديش 4-1 و3-صفر وماليزيا 3-صفر اياباً، علماً ان مباراة الذهاب بينهما انتهت بالتعادل السلبي. وخاض "الاخضر" بالتالي تصفيات الدور الثاني ضمن المجموعة الاولى ايضاً الى جانب منتخبات ايرانوالصين وقطر والكويت، والتي حقق فيها اربعة انتصارات على الكويت 2-1 ذهاباً وايران 1-صفر ذهاباً ايضاً، وقطر 1-صفر ذهاباً واياباً، وتعادلين مع ايرانوالصين اياباً بنتيجة واحدة هي 1-1، في حين انهزم في مباراتين امام الصين صفر-1 اياباً، والكويت 1-2 اياباً ايضاً، وبلغ رصيد نقاطه في صدارة الترتيب 14 نقطة، علماً انه سجل 8 اهداف ودخل مرماه 6 اهداف، معلناً تأهله الى النهائيات. اعتقاد خاطئ ولعله كان من الخطأ الاعتقاد بان الاستعانة بخدمات بيريرا، الذي قاد منتخب بلاده الى احراز لقب كأس العالم عام 1994، سيوفر ضمانات قيادة منتخب آخر ومختلف الى ادوار متقدمة في هذا الاستحقاق البارز، وخصوصاً ان عمله اقترن بفترة زمنية قصيرة نسبياً. والحقيقة تقال ان مباريات المونديال الثلاث امام فرنسا والدنمارك وجنوب افريقيا ضمن المجموعة الثالثة، كشفت حرجه الكبير، لولا ان مهارة اللاعبين وليس كارلوس قللت من وقع الخسارة. واسفرت النتائج عن خسارتين امام الدنمارك صفر-1 وفرنسا صفر-4 وتعادل وحيد مع جنوب افريقيا 2-2. قليل من كثير في مونديال فرنسا 1998، اراد السعوديون الكثير فما نالوا الا القليل. لقد بدأ المنتخب وكان انجاز 1994 يضغط عليهم بشدة، ومع كارلوس ألبرتو زادت الضغوط وزادت الآمال جموحاً، بعدما كان توقع سلفاً بأن نجوم آسيا يمكن ان يذهبوا ابعد من الدور الثاني، فتحول ذلك التوقع الى آمال جماهيرية كبيرة في المنافسة على مراكز المقدمة، لكنها تبخرت كلها مع هدف الدنماركي ريبر في المباراة الاولى. وظهر جلياً في هذه المباراة فشل خط الوسط السعودي الكامل بقيادة فؤاد انور وابراهيم سويد، في وقت كان فيه خميس العويران وخالد مسعد في وضع محبط في الخطوط الأمامية حيث لم تصلهم الا كرات قليلة. وعلى رغم التغيير الذي اجراه بيريرا باشراك يوسف الثنيان فان ذلك بدا غير مفيد. مذبحة فرنسية وفي مواجهة المنتخب الفرنسي على ملعب استاد دو فرانس في باريس، وقع بيريرا في فخ الاعتقاد الخاطئ بقدرته على الخروج بنتيجة طيبة اقلها التعادل، ولكنه طبق اسلوب لعب سلبي وعقيم على ارض الملعب، ما جعل اداريي المنتخب يحجزون له مقعداً على الطائرة المتوجهة الى ريو دي جانيرو، ليصبح المدرب الثامن الذي يستغنى عن خدماته في ثلاثة اعوام. وانتقد الجميع ذهنية بيريرا التي تخشى الخسارة، والتي جعلت خططه "سراباً" لا يتناسب مع واقع المواجهة، وتمثلت النهاية بالتالي في الخسارة الثقيلة 4- صفر. وعموماً، لعب السعوديون امام فرنسا بعشرة لاعبين بعد طرد الخليوي، وصمدوا بشجاعة نادرة 17 دقيقة، قبل ان يهز تييري هنري الشباك، تبعه دافيد تريزيغيه ثم هنري للمرة الثانية واخيراً بيكسانتي ليزارازو. والغريب ان بيريرا كان يسير قرب خط التماس وهو يضحك كانه الفائز، وربما هذه الصورة هي ما هزت الجماهير السعودية فطالبت باقالته. انفراج واذ طار رأس بيريرا، وحل بدلاً منه المدرب الوطني محمد الخراشي، اعاد الاخير الروح للمنتخب عبر تكريس التكتيكات القديمة، فتغيرت الاشياء في ثوان، وقدم المنتخب اداء مقنعاً وواقعياً وجميلاً وخرج بتعادل ايجابي مع جنوب افريقيا 2-2، علماً ان الهدفين السعوديين سجلهما سامي الجابر ويوسف الثنيان. لقد ابلى السعوديون بلاء حسناً في هذه المباراة وبرز منهم فؤاد انور وسامي الجابر وفهد المهلل ويوسف الثنيان وخميس العويران ونواف التمياط وحمزة صالح وابراهيم سويد وابراهيم ماطر، لكن كل ذلك البروز لم يعادل نصف بروزهم في نهائيات كأس العالم 1994. حدث فريد ومهما كانت حال النتائج فان تأهل منتخب المملكة للمرة الثانية على التوالي الى النهائيات شكل وحده حدثاً فريداً ينتظر ان يعاد عبر حجز بطاقة التأهل الى نهائيات كوريا واليابان المقبلة وللمرة ثالثة على التوالي. وخاض المنتخب السعودي من جديد تصفيات الدور الاول بنجاح وتأهل للدور الثاني الحاسم، فهل سينهي مبارياته في هذا الدورالصعب بنجاح كبير على غرار السابق؟ كل المعطيات المحيطة بالمنتخب السعودي تؤكد الجواب الايجابي، لكن احداً لا يدري ماذا تخبئ ارض الملعب من مفاجآت خاصة بعدما وضعت القرعة "الأخضر" في مجموعة "حديدية" صعبة الى جانب ايران والعراق وتايلاند والبحرين. صدارة وكان المنتخب بدأ محاولته الجادة للتأهل لنهائيات مونديال 2002 باللعب في المجموعة العاشرة من الدور الأول اذ لعب في المجموعة العاشرة الى جانب فيتنام، بنغلاديش، ومنغوليا، محققاً انتصارات كاملة على منغوليا 6-صفر ذهاباً واياباً، وبنغلاديش 3-صفر ذهاباً و6-صفر اياباً، وفيتنام 5-صفر ذهاباً و4-صفر اياباً. وبهذه النتائج تصدر "الاخضر" المجموعة برصيد 18 نقطة، سجل 30 هدفاً ولم يدخل مرماه اي هدف فتأهل الى الدور الثاني. مهمة صعبة ولم تكن قرعة الدور الثاني التي سحبت في الاول من ايار مايو الماضي عادلة على الأقل بالنسبة للمنتخبات القوية في القارة الصفراء مثل السعودية وايران، ما ادى الى تغيير الحسابات وتبديل التفكير، فهل يمكن ل"الاخضر" الممتاز ان يضع القارة والأمة العربية على خط المواجهة الجديدة مع نخبة المنتخبات العالمية، ويعيد انجاز منتخب اليابان الاخير في كأس القارات، وهل يمكن ان تشكل تجربتا المونديالين السابقين درساً وعبرة للغد الجميل؟ من الصعب الجزم ايجاباً او سلباً، اذ يتوجب علينا انتظار نهاية الدور الثاني من التصفيات واعلان تأهل الاخضر، ومن ثم انتظار قرعة النهائيات لنعرف في اي مجموعة سيلعب وبعدها يمكن القول والتوقع، اما الاخضر فمطالب الآن بتهيئة نفسه للفوز بصدارة المجموعة الأولى والتأهل، تمهيداً لرفع الراية العربية في المحفل العالمي الكبير، وهو مطالب ايضاً بقراءة الدروس المستفادة من مشاركاته السابقة، ومن ثم التفكير بعيداً عن ضغوط المنافسات المحتدمة في النهائيات، وبالطبع الاخضر السعودي ليس ببعيد منها.