} اسفرت محادثات الرئيس السوري بشار الاسد مع المستشار الالماني غيرهارد شرودر عن حصوله على دعم برلين لمشروع الاصلاح والتحديث في سورية لانه "يدعم تحقيق السلام"، لكن خلافا في الرأي ظهر بين البلدين ازاء التعاطي مع عملية السلام وتوصيات السيناتور الاميركي جورج ميتشل. عاد الرئيس الاسد الى دمشق امس في ختام اول زيارة له الى المانيا حيث اجرى في برلين محادثات مع المستشار شرودر تتعلق بعملية السلام والدور الاوروبي والعلاقات بين سورية وكل من المانيا والاتحاد الاوروبي اسفرت عن توقيع اتفاقات في المجالين العلمي والاقتصادي. واظهرت المحادثات بين الاسد وشرودر وجود خلاف في الرأي بين سورية والمانيا حول كيفية الخروج من وضع عملية السلام. اذ اكد المستشار الالماني ان وثيقة ميتشل "الآلية الوحيدة الموجودة" للحل على المسار الفلسطيني، لكن الرئيس السوري شدد على ضرورة رفض "اي مبادرة لا يقبلها الشعب الفلسطيني" ووجوب ان تكون اي صيغة سلمية مستندة الى قرارات مجلس الامن. وكانت زيارة الاسد الى برلين الاولى لرئيس سوري منذ توحيد الالمانيتين وثاني لقاء بينه وبين المستشار شرودر بعد لقائهما في دمشق نهاية العام الماضي. وبعد اجتماعهما مساء اول من امس عقدا مؤتمرا صحافيا اعتذر فيه الرئيس الاسد عن عدم الاجابة عن سؤال لصحافي اسرائيلي يتعلق بتصريحات سابقة عن "عنصرية المجتمع الاسرائيلي"، علما انه اوضح مواقفه في هذا الشأن في مقابلته مع مجلة "دير شبيغل". واكد شرودر في المؤتمر الصحافي "اهمية دور سورية المفتاحي في سلام الشرق الاوسط"، آملا في ان يتابع الاسد "مساعيه من اجل هدف السلام الذي هو لمصلحة جميع شعوب الشرق الاوسط". وفيما اكد الرئيس السوري "ضرورة تطبيق كل قرارات الشرعية الدولية كي نستطيع ان نصل الى سلام عادل وشامل"، وشدد على ان اي مبادرة او اجراء يتخذ يجب ان يخضع لتلك القرارات اي قرارات الشرعية الدولية، و"هذا يعني بشكل آلي انه سيخضع لمصالح الشعوب وان يعيد الحقوق"، فإن شرودر اوضح: "ان تقرير ميتشل يرى فيه الاوروبيون والولايات المتحدة والامم المتحدة حالياً الآلية الوحيدة الموجودة بين ايدينا وهو شبيه بالمبادرة المصرية - الاردنية ويحتوي على نقاط شبيهة بها ... ولذلك نحن نود ان تجتمع وتتضافر جميع الجهود في المنطقة وفي العالم لتنفيذ هذا التقرير في اقرب وقت ممكن". وزاد: "نرغب في ان يكون لسورية، وهي دولة مهمة في الشرق الاوسط، دور في هذا التقرير". وتناولت المحادثات حرية الصحافة والانفتاح. وسئل شرودر: "تسود حرية الصحافة والصحف في المانيا، كيف يمكن ملاءمة ذلك مع العلاقات مع سورية؟"، فأجاب: "في ما يخص العلاقات الدولية، المانيا لها سياسة خارجية وهي تتعامل مع الدول الاجنبية تعاملاً نابعاً من هذه السياسة ومع الشركاء والاصدقاء والدول الاخرى. وطبعاً نحن حتى لو لم نكن نتفق مع سورية في كل آرائها فاننا نعرف ايضاً ان سورية لا تتفق معنا في كل الآراء ونحترم ذلك". كما سعى الرئيس السوري الى الحصول على دعم الماني لمشروع الاصلاح والتحديث الذي يتبناه. وقال في خطاب القاه في مأدبة العشاء التي اقامها المستشار الالماني مساء اول من امس: "اننا في سورية ماضون قدماً في تطبيق خطة متكاملة للتطوير والتحديث في شتى المجالات تهدف الى تحقيق الازدهار معتمدين في ذلك على امكاناتنا الذاتية اولاً، وعلى الدعم الذي يأتينا من البلدان الصديقة ثانياً". وزاد :"بنفس المقدار الذي نسعى عبره لتطوير سورية فاننا نسعى ايضا لتحقيق السلام للجميع، منطلقين من قناعتنا الراسخة بالعلاقة الوثيقة بينهما. فكما ان السلام يدفع بعملية التطور الى أمام، فإن التطوير ايضاً يساعد على التوصل للسلام". لكن الرئيس الاسد اكد ان السلام الذي تريده بلاده "ليس مجرد اتفاق سلام يصفق له بعضهم ويغضب منه اصحاب الحق، ومن ثم نراه يسقط سريعاً او تدريجياً، بل هو سلام عادل وشامل راسخ على ارض الواقع قبل الورق، يتحقق من خلال القناعات لا من خلال الفرض، سلام يعيد الحقوق الى اصحابها ويضع حداً للاحتلال والعدوان وسفك الدماء". ولفت الى ان "التصعيد الحالي للعدوان ضد الشعب الفلسطيني سيؤدي الى تأجيل تحقيق السلام لأجيال قادمة، خصوصاً بعدما اعتمدت الحكومات الاسرائيلية شعارات تستند الى القوة والقوة وحدها كعنصر وحيد فاعل في المنطقة. انهم يقولون: القوة تحقق السلام، القوة تحقق الامن، القوة تزيل الخوف، لكنهم نسوا ان القوة عامل نسبي تتغير ملامحه بتغير المجال الذي يوظف من خلاله وانه يصبح عبئاً على صاحبه فيورطه في ما ليس في مصلحته، وهم يعلمون ان السلام فقط هو الذي يجلب الامن وهو الذي يجلب الطمأنينة للجميع". وتعهد المستشار شرودر "العمل مع شركائنا الاوروبيين كي يساعدوكم بكل سرور على تحقيق النجاح لعملية الاصلاح والتجديد التي تسعون اليها"، مخاطبا الاسد: "ان الاصلاحات في بلدكم التي تستهدفونها تتطلب محيطاً سليماً فلا رخاء مضمون بلا سلام وعلى العكس ايضاً لا سلام دائماً ممكناً من دون تنمية الاقتصاد". واسفرت محادثات الاسد مع وزيرة التعاون الدولي هايد ماري فيتشوريكي عن الاتفاق على تعزيز العلاقات الاقتصادية. وقالت مصادر رسمية انه شكرها على استعداد مؤسسة "هيرمز" لضمان كل اشكال التعاون الاقتصادي مع سورية. واضافت المصادر ان الرئيس الاسد زار مقر البرلمان الالماني بوندستاغ والتقى رئيسه فولفغانغ تيرزه وبحثا في تطوير العلاقات الثنائية و"عملية السلام المتعثرة بسبب الممارسات الاسرائيلية". من جهة اخرى، أكدت مصادر ديبلوماسية في موسكو أن الرئيس السوري بشار الأسد سيقوم بزيارة إلى روسيا في غضون العام الحالي. ونقلت وكالة "ايتار تاس" الرسمية عن تلك المصادر قولها إن دعوة كانت وجهت إلى الأسد أثناء زيارة وزير الخارجية فاروق الشرع إلى موسكو، ونقلت دعوة مماثلة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة دمشق. وأكد ديبلوماسي رفيع المستوى للوكالة أن أجندتي الرئيسين مزدحمتان، لكنه قال إن ثمة "احتمالاً قوياً" بأن يزور الأسد موسكو قبل نهاية العام الحالي.