في وقت قياسي تقدمت طبرقة شمال غربي تونس الى صدارة المراكز السياحية الرئيسية في البلد وربما في المنطقة المتوسطية كونها استطاعت ان تؤمن خدمات سياحية منوعة تستجيب لميول السياح اياً كانت المناطق التي أتوا منها. وتعتبر طبرقة مدينة مفضلة للباحثين عن المعالم التاريخية فهي قريبة من مدن اثرية فينيقية ورومانية تستقطب اهتمام المفتونين بالسياحة الثقافية بالاضافة للسياحة الرياضية والسياحة البحرية. وشكل انشاء مطار دولي في طبرقة انعطافاً في تاريخها كمركز استقطاب سياحي لأنه وفر على زوارها متاعب الرحلات البرية في العاصمة تونس عبر الجبال الوعرة. وأخضع المطار لعمليات توسعة وتحديث اخيراً اتاحت له استقبال الطائرات المتطورة وتسيير رحلات مباشرة الى المطارات الرئيسية في أوروبا ما ضاعف حجم الاقبال على فنادق طبرقة وحفز على التخطيط لانشاء وحدات فندقية جديدة. وأدى تطور القطاع السياحي الى تغيير وجه المدينة التي كانت قرية صغيرة يستوطنها الفرنسيون اساساً قبل الاستقلال اذ انشئت مطاعم ومجمعات تجارية وادارية لشركات الاسفار في محيط الميناء الترفيهي الذي بات قلب المدينة المليء بالحركة على مدار الأيام. وتقدم طبرقة لزوارها اصنافاً مختلفة من المنتوج السياحي فهي تقع عند سفوح سلسلة طويلة من الجبال تمتد الى الجزائر ويمتاز مناخها بكونه ملاذاً من القيظ في المناطق الواقعة وراء الجبل، وهي الى ذلك مدينة ساحلية تتوافر فيها رمال نقية مترامية على طول البحر ويتعاطى فيها الهواة جميع انواع الرياضات البحرية ما حفز اهلها على اقامة مهرجانات مائية مثل سباق الألواح الشراعية ومهرجان التصوير تحت الماء. وتعتبر طبرقة وجهة مناسبة للمولعين بالسياحة الثقافية لأنها غير بعيدة عن متحف شمتو البربري - الروماني الذي يجمع قطعاً اثرية نفيسة، وأقيمت قاعاته في موقع اثري قديم ما زال يحافظ على معالمه، كذلك هي قريبة من موقع بولا ريجيا Bulla Regia الفينيقي بالاضافة الى الحصن الايطالي المقام على جزيرة صغيرة قبالة المدينة الذي يعود الى فترة احتلال قوات جنوة المدينة في القرن السادس عشر والسابع عشر لمدة استمرت نحو 150 عاماً. وتضم طبرقة اليوم افضل ملعب "غولف" في تونس يأتيه لاعبون ماهرون من بلدان أوروبية عدة لممارسة هوايتهم المفضلة والاستمتاع بجمال المدينة وساحلها وجبلها. انطلاقة جديدة بدأ التركيز على تطوير طبرقة سياحياً منذ اواخر الثمانينات فأنشئ مجمع سياحي على ساحل البحر وعند سفح جبل تغطيه غابة كثيفة، ومدت الطرق الحديثة بين المنطقة السياحية والمدينة، وأدى تطوير القطاع السياحي الى معاودة شبكتي المياه والكهرباء حتى تساير التغيير الشامل الذي ادخل على المدينة التي كانت مجرد مرفأ صغير للصيادين. لكن التغيير الأهم هو انشاء مطار دولي في اطراف طبرقة ربطها بأهم المطارات الأوروبية. واستقطبت المنطقة استثمارات قيمتها اكثر من 170 مليون دينار نحو 170 مليون دولار خصصت لتطوير القطاع السياحي المحلي وأتاحت انشاء خمسة فنادق رئيسية من فئة ثلاث نجوم هي "مهاري" 400 سرير و"باراديز" 416 سريراً "أبو نواس طبرقة" 612 سريراً و"روايال غولف" 366 سريراً و"المرجان" 320 سريراً. واستطاعت طبرقة استقطاب اعداد متزايدة من السياح خصوصاً الأوروبيين الذين يصلون عبر المطار الدولي وبالاضافة الى ذلك نجحت في ان تصبح مركزاً مهماً لسياحة المؤتمرات، فلا تكاد تمر فترة الا استضافت طبرقة مؤتمراً متوسطياً او دولياً، او اجتماعاً لرؤساء وكالات اسفار. ويقول مدير فندق "بارادايز" ان السياح الذين اقبلوا على المنطقة في العام الماضي هم بحسب الحجم الفرنسيون 35000 سائح والايطاليون 32000 سائح والبلجيكيون 23000 سائح. وأوضح ان كل فئة من السياح تأتي الى طبرقة بحثاً عن ضالتها. فالأوروبيون يهيمون بالطبيعة وبدفء البحر وهدوء الغابة، وبعضهم يهوى ممارسة التزلج على المياه والرياضات البحرية. ويتخصص فندق "بارادايز" بتأمين ملاعب لتعاطي انواع الرياضات المختلفة بالاضافة لتجهيزات ومدربين لممارسة رياضة الغوص في اعماق البحر وصيد المرجان الذي هو رمز المنطقة وعنوانها الساحلي ففي طبرقة يتجمع اكبر عدد من متاجر المرجان وتتوافر فيها اكثر مجموعات الحلي المرجانية تنوعاً في منطقة المغرب العربي. رياضة الغولف واستطاعت طبرقة استقطاب اعداد كبيرة من المولعين برياضة "الغولف" كونها تضم احد اجمل ملاعب الغولف في تونس 18 ثقباً ويقع على مرتفع اخضر فسيح بين البحر والجبل يشبه الشرفة الكبيرة التي يشاهد منها السائح الفنادق الرئيسية الخمسة. أضافة الى المسابح والملاعب التي تناسب السائح الغربي. انشئت فلل فاخرة مستقلة على سفح الجبل لتكون مناسبة للسائح الخليجي والعربي الحريص على عاداته وتقاليده الاصيلة. فالفلل تؤجر للسياح العرب الذين يرغبون بالاستمتاع بسحر مناظر الجبل والبحر وقضاء اجازاتهم مع الاسرة بعيداً عن انظار الغرباء وعن نمط الحياة الغربي. وتتوافر في الفلل كل وسائل الترفيه والراحة وفيها أقام وزراء الخارجية الاوروبيون والعرب لدى مشاركتهم في مؤتمر "المنتدى المتوسطي" العام قبل الماضي وبعضهم مدد اقامته فيها اياماً للاستمتاع بميزات طبرقة السياحية، لأنها من اكثر الاماكن هدوءاً وقرباً من ساحل البحر وأحراج الجبل. وتعتبر منطقة طبرقة احدى المناطق السياحية الرئيسية التي استقطبت الاستثمارات العربية، اذ قدر الحجم الاجمالي للاستثمارات السعودية في المنطقة بأكثر من ثمانين مليون دينار 85 مليون دولار وجه اكثرها الى انشاء فنادق ومراكز ترفيه. كذلك اقامت "مجموعة ابو نواس" الكويتية فندقاً فخماً في طبرقة قرب البحر سعته 612 سريراً أنشأته شركة المنتزه للاستثمار السياحي في سنة 1992 وتستأجره المجموعة العقارية التونسية الكويتية لمدة 15 عاماً. ومن ميزات طبرقة انها تتيح لزائرها الاطلاع على آثار الرومان والفينيقيين في المنطقة. وتنظم الفنادق رحلات بواسطة الباصات والسيارات لزبائنها لزيارة المواقع الأثرية والمعالم الحضارية القديمة والحديثة في المنطقة.