يربط مطار طبرقة شمال تونسالمدينة الساحلية ببقية المدن الاوروبية مسهماً بشكل مباشر في تنشيط الاقبال السياحي على المدينة التي توصف بكونها "عاصمة المرجان" لكثرة انتشاره في سواحلها. ولم يقتصر الاقبال على السياح الاجانب وانما شجعت اسعار البطاقات الداخلية المخفضة اقل من 20 دولاراً للشخص الواحد من تونس السياح المحليين على تكثيف الزيارات الى المنطقة. ويستقبل مطار طبرقة طائرات عدة كل اسبوع آتية من مطار تونس تكمل طريقها بعد ذلك إلى المطارات الاوروبية او العكس، ما حفز وكالات السفر على وضع المدينة على جدول خططها الترويجية والتسويقية لاستثمار البنية الاساسية السياحية المتوافرة فيها. مهرجانات للسياح الى كثافة الرحلات الجوية ثم عنصر جديد أعطى ثماراً ايجابية على صعيد استقطاب السياح الاوروبيين الى المدن وتمثل بتنظيم مهرجانات دولية فيها في مقدمها مهرجان "الجاز" الذي يُنظم خلال الاسابيع المقبلة والذي يشارك فيه ابرز نحو الجاز ويجتذب المهرجان المولعين بهذا الفن الموسيقي من بلدان اوروبية عدة و"مهرجان طبرقة الدولية" في شهري تموز وآب يوليو واغسطس والذي يشتمل على حفلات لنجوم الفن العرب والاوروبيين، بالاضافة الى محاضرات وندوات فكرية يشارك فيها جامعيون وكتّاب معروفون. وفي هذا السياق وصل الى طبرقة يوم 17 حزيران يونيو الماضي 100 سائح على متن سفن شراعية كانت انطلقت من مدينة فريجوس الفرنسية في اليوم السابع من الشهر نفسه في اطار سباق سنوي للسفن الشراعية يستقطب مئات من المولعين من اوروبا ومن فرنسا خصوصاً. وتقدم طبرقة لزوارها اصنافاً مختلفة من المنتج السياحي فهي تقع عند سفوح سلسلة طويلة من الجبال تمتد الى الجزائر ويمتاز مناخها بكونه ملاذاً من القيظ في المناطق الواقعة وراء الجبل، وهي الى مدينة ساحلية تحف سواحلها رمال نقية مترامية على طول البحر تسمح لهواة جميع انواع الرياضات البحرية ما حفز اهلها على اقامة مهرجانات مائية مثل سباق الالواح الشراعية ومهرجان التصوير تحت الماء. وتعتبر طبرقة وجهة مناسبة للمولعين بالسياحة الثقافية كونها غير بعيدة عن متحف شمتو البربري - الروماني والذي يجمع قطعةً اثرية نفيسة واقيمت قاعاته في موقع اثري قديم ما زال يحافظ على معالمه، كذلك هي قريبة من موقع بولا ريجيا الفينيقي، بالاضافة الى الحصن الايطالي المقام على جزيرة صغيرة قبالة المدينة يعود الى فترة احتلال قوات جنوه للمدينة في القرن السادس عشر لمدة استمرت نحو 150 عاماً. وتضم طبرقة اليوم افضل ملعب غولف في تونس يأتيه لاعبون ماهرون من بلدان اوروبية عدة لممارسة هوايتهم المفضلة والاستمتاع بجمال المدينة وساحلها وجبلها. انطلاقة جديدة بدأ التركيز على تطوير طبرقة سياحياً منذ نهاية الثمانينات فأنشى مجمع سياحي على ساحل البحر وعند سفح جبل تغطيه غابة كثيفة، ومدّت الطرق الحديثة بين المنطقة السياحية والمدينة. وأدى تطوير القطاع السياحي الى توسيع شبكتي المياه والكهرباء حتى تساير التغيير الشامل الذي أدخل على المدينة التي كانت مجرد مرفأ صغير للصيادين. لكن التغيير الأهم يبقى انشاء مطار دولي في اطراف طبرقة ربطها بأهم المطارات الاوروبية واستقطبت المنطقة استثمارات تفوق 170 مليون دينار نحو 170 مليون دولار خصصت لتطور القطاع السياحي المحلي وأتاحت انشاء خمسة فنادق رئيسية من فئة ثلاث نجوم هي "مهاري" 400 سرير و"باراديز" 416 سريراً و"ابو نواس طبرقة" 612 سريراً و"رويال غولف" 366 سريراً و"المرجان" 320 سريراً. واستطاعت طبرقة استقطاب اعداد متزايدة من السياح لا سيما الاوروبيين الذين يصلون عبر المطار الدولي، وبالاضافة الى ذلك نجحت في ان تصبح مركزاً مهماً لسياحة المؤتمرات، فلا تكاد تمر فترة الا وتستضيف طبرقة مؤتمراً متوسطياً او دولياً، او اجتماعاً لرؤساء وكالات السفر. ويقول مدير فندق "باراديز" ان السياح الذين اقبلوا على المنطقة العام الماضي هم بحسب الترتيب: الفرنسيون 35 ألف سائح والايطاليون 32 ألف سائح والبلجيكيون 23 ألف سائح. وأفاد ان كل فئة من السياح تأتي الى طبرقة بحثاً عن ضالتها فالاوروبيون يهيمون بالطبيعة وبدفء البحر وهدوء الغابة وبعضهم يهوى ممارسة التزلج على المياه والرياضات البحرية. ويتخصص فندق "بارادايز" بتأمين ملاعب لتعاطي انواع الرياضات المختلفة بالاضافة لتجهيزات ومدربين لممارسة رياضة الغوص في اعماق البحر وصيد المرجان الذي هو رمز المنطقة وعنوانها السياحي. ففي طبرقة يتجمع اكبر عدد من متاجر المرجان وتتوافر فيها اكثر مجموعات الحلي المرجانية تنوعاً في منطقة المغرب العربي. رياضة الغولف واستطاعت طبرقة استقطاب اعداد كبيرة من المولعين برياضة "الغولف" كونها تضم احد اجمل ملاعب الغولف في تونس 18 حفرة وهو يقع على مرتفع اخضر فسيح بين البحر والجبل يشبه الشرفة الكبيرة التي يشاهد منها السائح الفنادق الرئيسية الخمسة. واضافة الى المسابح والملاعب التي تناسب السائح الغربي انشئت فلل فاخرة مستقلة على سفح الجبل لتكون مناسبة للسائح الخليجي والعربي الحريص على عاداته وتقاليده الاصيلة.فالفلل تؤجر للسياح العرب الذين يرغبون بالاستمتاع بسحر مناظر الجبل والبحر وتمضية اجازاتهم مع الاسرة بعيداً عن انظار الغرباء وعن نمط الحياة الغربي. وتتوافر في الفلل جميع وسائل الترفيه والراحة وفيها اقام وزراء الخارجية الاوروبيون والعرب لدى مشاركتهم في مؤتمر "المنتدى المتوسطي" العام قبل الماضي وبعضهم مدد اقامته فيها اياماً للاستمتاع بميزات طبرقة السياحية، لانها من اجمل الاماكن هدوءاً وقرباً من ساحل البحر واحراج الجبل. وتعتبر منطقة طبرقة احدى ابرز المناطق السياحية الرئيسية التي استقطبت الاستثمارات العربية في تونس. اذ قدر الحجم الاجمالي للاستثمارات السعودية في المنطقة بأكثر من 80 مليون دينار 85 مليون دولار وجه اكثرها الى انشاء فنادق ومراكز ترفيه. كذلك اقامت "مجموعة ابو نواس" الكويتية فندقاً فخماً في طبرقة سعته 612 سريراً قريباً من البحر انشأته "شركة المنتزه للاستثمار السياحي" سنة 1992 وتستأجره "المجموعة العقارية التونسية - الكويتية" لمدة خمسة عشر عاماً، ومن ميزات طبرقة انها تتيح لزائرها الاطلاع على آثار الرومان والفينيقيين في المنطقة، وتنظم رحلات بواسطة الباصات والسيارات لزبائنها لزيارة المواقع الاثرية والمعالم الحضارية القديمة والحديثة في المنطقة.