دمر الجيش الإسرائيلي، في أكبر عملية من نوعها منذ بدء الانتفاضة، حياً سكنياً كاملاً في مخيم رفح، مشرداً مئات الأشخاص، في ما بدا أنه تحول نوعي نحو سياسة الأرض المحروقة في الحرب التي يشنها على الفلسطينيين. راجع ص4 وعلمت "الحياة" أن قيادة الجيش والمسؤولين الأمنيين الإسرائيليين وضعوا خطة اطلقوا عليها "الحرب الموضعية الخفية" لاستكمال تدمير البنية التحتية في الأراضي الفلسطينية، وتستهدف هذه الخطة تدمير بلدة العيسوية، الأسبوع المقبل، ومئات المنازل في الجليل والنقب. وفي واشنطن، قال الناطق باسم الخارجية الأميركية ريتشارد باوتشر إن الديبلوماسيين الأميركيين في المنطقة على اتصال بالمسؤولين الإسرائيليين لحضهم على وقف عمليات الهدم فوراً. وأضاف: "نشعر بقلق بالغ من دخول الإسرائيليين إلى مناطق السلطة الفلسطينية وهدم بيوت فلسطينيين في القدس ورفح". ومهد الإسرائيليون لتدمير الحي في مخيم رفح بقصف متواصل استمر خمس ساعات، استخدموا خلاله مختلف الأسلحة الثقيلة في عملية وصفها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بأنها "جريمة" جديدة تضاف إلى الجرائم الإسرائيلية. ودمرت عمليات الهدم 25 منزلاً وشردت أكثر من 200 لاجئ. وتحول قطاع غزة أمس إلى مسرح للاشتباكات بين المسلحين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، اصيب خلالها ثمانية فلسطينيين وثلاثة جنود بجروح مختلفة. وقال الناطق العسكري الإسرائيلي إن 22 قنبلة مضادة للدروع استهدفت عدداً من الدبابات، واطلقت قذائف الهاون على مستوطنتي كفر داروم ونتساريم في قطاع غزة. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" إن الجيش الإسرائيلي بدأ منذ أيام تنفيذ خطة سرية وضعتها قيادته بالاشتراك مع الاستخبارات ومسؤولي الأمن اطلق عليها اسم "الحرب الموضعية الخفية" بعيداً عن وسائل الإعلام لتجنب ردود الفعل الدولية. ووصفت المصادر هذه الخطة بأنها تدخل في "إطار سياسة التطهير العرقي"، خصوصاً أن رئيس بلدية القدس ايهود أولمرت أعد لتدمير أحياء أخرى في محيط المدينة المقدسة مطلع الأسبوع المقبل، تستهدف بلدة العيسوية المحاذية لمستوطنة "التلة الفرنسية". وكشفت صحيفة "معاريف" أمس أن مكتب رئيس الوزراء ارييل شارون ومكتب وزير الداخلية عوزي لانداو اتخذا قراراً بتكثيف عمليات الهدم. وتوقعت الصحيفة أن يبدأ هدم آلاف من منازل العرب في النقب والجليل الأسبوع المقبل، بحجة أنها بنيت من دون ترخيص. وكلف وزير البنى التحتية افيغدور ليبرمان وحدة خاصة من الشرطة تنفيذ عمليات الهدم.وتشير تقارير رسمية إسرائيلية إلى أن هناك أكثر من 20 ألف منزل في الجليل والنقب بناها العرب "بطرق غير مشروعة". وفي أول رد فعل دولي على هدم بيوت الفلسطينيين، طالبت بلجيكا، التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، تل أبيب ب"وضع حد لهذه الممارسات التي تعقد مساعي الاتحاد لحل الأزمة". إلى ذلك، أشاد شارون خلال زيارته أمس هضبة الجولان السورية المحتلة بالاستيطان اليهودي فيها، ووصفه بأنه من "أفضل النجاحات والانجازات في تاريخ الصهيونية". ودعا دمشق إلى استئناف المفاوضات لكن "من دون شروط مسبقة". ووصل الرئيس السوري بشار الأسد إلى برلين أمس في زيارة رسمية تستغرق يومين، سيدعو خلالها إلى دور أكثر فاعلية لأوروبا في عملية السلام.