وسط تخوف شعبي من تجديد التنسيق بين الاجهزة الفلسطينية والاسرائيلية، عقد في مدينة رام الله اجتماع امني فلسطيني - اسرائيلي في حضور مدير وكالة الاستخبارات الاميركية السي اي اي جورج تينيت، فيما عقد اجتماع سياسي بين الرئيس ياسر عرفات والمبعوث الاميركي الخاص للشرق الاوسط وليام بيرنز، في خطوة اعتبرها الجانب الفلسطيني انتصاراً لموقفه المصر على معالجة المسائل الامنية والسياسية في آن واحد. وأعلنت اسرائيل أنها لا تعلق آمالاً على أي من الاجتماعين. وتحولت مسيرات الجمعة التي اصبحت طقساً من طقوس الانتفاضة الفلسطينية الى تظاهرات معارضة للاجتماعات الامنية التي تنذر بعودة التنسيق الامني بين الجانبين تحت وقع الضغوط الاميركية التي تمارس على القيادة الفلسطينية. وهتف المتظاهرون في خان يونس، في قطاع غزة وفي رام الله والخليل وطولكرم التي شيعت احد ابنائها من حركة فتح اشرف البردويل بعدما فارق الحياة نتيجة اصابات بليغة اصيب بها جراء محاولة اسرائيلية لاغتياله قبل ايام، ضد التنسيق الامني. وطالب المتظاهرون الرئيس الفلسطيني بالتصدي للضغوط التي يتعرض لها ورفض الاملاءات الاسرائيلية والاميركية. رسمياً، أكد وزير الحكم المحلي في السلطة الفلسطينية صائب عريقات ان "الكرة في الملعب الاسرائيلي"، مضيفا ان اي تقدم منوط "بمدى استجابة الحكومة الاسرائيلية لتوصيات لجنة ميتشل ككل لا يتجزأ". وقال عريقات في تصريحات الى الاذاعة الفلسطينية "لا يمكن الفصل بين المسائل الامنية والسياسية واي محاولة في هذا الاتجاه سيكتب لها الفشل". وقال اللواء عبدالرزاق المجايدة قبيل عقد الاجتماع الامني ان على اسرائيل وقف عدوانها ورفع الحصار الخانق الذي تفرضه على الاراضي الفلسطينية وسحب التعزيزات العسكرية، مشيرا الى ان هذه القضايا تم بحثها مع المبعوث الاميركي بيرنز خلال زيارته السابقة للمنطقة. وقال نبيل ابو ردينة مستشار عرفات ان "الاوروبيين والاميركيين بدأوا يدركون انه لا يمكن ان يتم الهدوء الا بمعالجة الامور السياسية الى جانب المسائل الامنية". وكان مقر الرئاسة الفلسطيني في رام الله شهد نشاطا ديبلوماسيا متتابعا في الساعات التي سبقت عقد الاجتماعين الامني والسياسي، شملت لقاءين بين عرفات والمبعوثين الاوروبي والروسي للمنطقة. وعلى رغم اصرار الجانب الفلسطيني على عقد اجتماع لبحث القضايا السياسية وفي مقدمها وضع تفاصيل وجداول زمنية محددة لتنفيذ توصيات لجنة ميتشل، بالتزامن مع الاجتماع الامني الثلاثي، رفض الاسرائيليون حتى الآن المشاركة في الاجتماع السياسي. وعقد بيرنز لقاء سريعا لم يخطط له سابقا مع وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز في تل ابيب قبل توجهه الى رام الله للقاء عرفات. واعلنت اسرائيل انها لا تعلق آمالا على اللقاء الامني الثلاثي الذي عقد بعيداً عن وسائل الاعلام في مكان ما في رام الله، وجدد وزير الدفاع الاسرائيلي بينامين بن اليعيزر اتهاماته للسلطة الفلسطينية بعدم وجود نية لديها لوقف الانتفاضة. وتشترط اسرائيل التوصل الى اتفاق "وقف اطلاق النار" والانتظار لمعرفة نتائج معالجة الملف الامني قبل التطرق لتوصيات لجنة ميتشل، فيما يصر الفلسطينيون على ضرورة تنفيذ التوصيات بكل بنودها بصورة متبادلة متزامنة بين الطرفين. وقالت مصادر اسرائيلية ان رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية شاباك افي ديختر وقائد "المنطقة الوسطى والمنطقة الجنوبية" في الجيش الاسرائيلي اسحق ايتان ودورون الموغ ورئيس قسم التخطيط في هيئة اركان الجيش غيورا ايلانر. وعن الجانب الفلسطيني، شارك في الاجتماع رئيسا جهاز الامن الوقائي في قطاع غزةوالضفة الغربية محمد دحلان وجبريل رجوب اللذان امتنعا لفترة عن المشاركة في اجتماعات مماثلة سابقة بعد تعرض موكب الاول لاطلاق النار وقصف منزل الثاني، وكذلك قائد القوات الفلسطينية اسماعيل جبر ومدير قوات الامن في غزة عبد الرزاق المجايدة. الى ذلك، فتح جنود اسرائيليون النار أمس على آلاف من الفلسطينيين الذين كانوا يتظاهرون في مدن الضفة الغربية وقطاع غزة داعين الى استمرار الانتفاضة. وافاد مراسل وكالة "فرانس برس" ان حوالى 3 آلاف شخص خرجوا في تظاهرة في مدينة خان يونس، رافعين اعلاماً فلسطينية وهاتفين "الانتفاضة مستمرة" واشتبكوا مع الجنود الاسرائيليين عند حاجز التفاح. وفتح الجنود النار واصابوا ثلاثة متظاهرين على الاقل. وفي مدينة رام الله تجمع 1500 شخص وهم يرفعون اعلاما فلسطينية في وسط المدينة ويهتفون "الانتفاضة مستمرة حتى انتهاء الاحتلال". وردد المشاركون هتافات مناهضة لرئيس وكالة الاستخبارات الاميركية سي آي اي واحرقوا علما اميركيا قبل ان يتوجهوا الى مدخل المدينة الشمالي حيث مسرح المواجهات مع الجيش الاسرائيلي. ورشق عدد من المتظاهرين الجنود بالحجارة ورد هؤلاء باطلاق النار وافيد عن اصابة شخص واحد بجروح طفيفة. وفي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية تجمع حوالى 1000 شخص امام الجامع الكبير وسط المدينة وهتفوا "تينيت عد الى بيتك انت راس الشيطان الاميركي" واحرقوا علمين. وفي بيت لحم شارك حوالى 200 شخص في مسيرة مماثلة .