هؤلاء الذين يعيشون حياتهم ببساطة، مقتنعون بمبادئ وأفكار خالية من صيغ الاستفهام، هؤلاء الذين غالباً ما أنظر إليهم بشفقة، بتعالي، هؤلاء يبدون اكثر سعادة مني. هم يتقبلون الفشل ويعطونه أسماء أخرى، كالقدر والحظ وإرادة الله في كلمات كهذه يتساوى معنى الفشل ومعنى النجاح. هل يبدأ الفشل، فشلي، حيث لا خيار لي ولا قدرة؟ الوقت هو اكثر ما يؤذينا الفشل به، فأن نفشل يعني ان نتأخر. ولذلك، فإن معنى الفشل يختلف باختلاف الأعمار فأسباب الفشل عند الشباب مثلاً تشبه التهور وعند الأكبر سناً هي أمر آخر قد يكون القدر مثلاً. والفشل نوعان، الفشل حين نحاول ولا ننجح، نضع كل ما لدينا من معرفة وآراء وإرادة لنبلغ هدفاً معيناً ولا نحفل. يشبه هذا الفشل الهزيمة. وهناك الفشل الذي يسببه عدم المحاولة، والكسل أهم أسبابه. فالكسل، وهو رد فعل الجيل الشبابي الحالي على سرعة القرن وحركته "وعجقته" المستمرتين. هو كرفض للنظام والمنطق الحديث. وحين لا يولّد الكسل الشعور بالفشل عند الشخص نفسه، فيكون الفشل هو ما يظنه الآخرون عنه، وينعتونه به. الفشل لا غنى عنه، حيث أن الحياة التي نريدها لأنفسنا ليست هي نفسها التي نعيشها كل يوم. ومن هذا المنطلق طالما الحلم موجود، فإن الفشل، والشعور بالفشل حكماً موجودان. كما ان الحياة التي يريدها الغير لنا، كأهلنا مثلاً، وغالباً ما لا تشبه الحياة التي نعيشها، لمجرد اختلاف الآراء والمبادئ بين الجيلين، فهي تجعلنا فاشلين بنظرهم. لذلك، فإن الفشل حكماً هو ما نشعر به طالما اننا نستطيع ان ننظر ونبحث عما هو أفضل. كما حياة الآخرين التي تبدو ناجحة، جميلة حين ننظر إليها من الخارج... ثم المقارنة، ثم الشعور بالفشل. نجاح الآخرين هو فشلنا، والعكس صحيح. أهم ما يجعلني فاشلاً هو ما يريدني المجتمع أن أكون. حياة الشخص في المجتمعات المتحضرة تجعله يفقد حريته، فالنجاح في صفوف المجتمعات يصبح كالسياسة، يخضع لقوانين ومبادئ على كل فرد ان يخضع لها، ويعيش من خلالها وإلا... الفشل. الطريق التي يرسمها المجتمع للفرد، والتي توصله الى النجاح ليست طريقاً واسعاً. والفشل درجات، ذاك الذي يكون حافزاً للعمل، والنجاح، ثم الذي لا يولّد إلا الفشل. التشاؤم فشل يتكرر ويتكرر حتى يُفقدنا الأمل. والنجاح كالسعادة، تتغير أسبابه ومعانيه بين شخص وآخر. والنجاح هو ما يعطي للفشل معناه وسبباً لوجوده. النجاح هو مبتغى الجميع، فلا أحد يخجل بنجاحه في أمر ما. غير ان الفشل هو ما نخجل به ونخبئه. ونحن لا نلاحظ الجوانب الإيجابية في الفشل، وربما من الأصح ان نسميها الجوانب الضرورية، الفشل والتكرار، الفشل والعمل على التحسّن، الفشل والتواضع والفشل والتعلّم. فكما النجاح، الفشل طبيعي في حياة الإنسان والمجتمعات. ونحن إن رأينا شخصاً متخصصاً في مجال علمي ما، هل نفكر تلقائياً بكل ما لا يعرفه. بكل ما فشل أو قد يفشل به؟ الفشل، ربما يكون المكان الوحيد الذي من خلاله أو بسببه نذهب الى ما هو أفضل.