الحجارة الكريمة العائدة لامبراطورية المغول المعروضة حالياً في المتحف البريطاني هي مجوهرات حقيقية لا تقدّر بثمن. ليس في بريطانيا متاحف مجوهرات في شكل خاص بل نسي المواطن الانكليزي تلك الأوصاف التي اطلقها الشاعر وردزورث، على الحلى الجميلة، وبات يذهب الى متحف المجوهرات المحلي لاستعادة وعيه وليصحو من غفوته التاريخية، فالمجوهرات قادرة ان تلهب المشاعر مثلخا تشعل نسمة الهواء النقية النار الملتهبة. لكنها تثير مشاعر لا يمكن لفن آخر ان يثيرها، لذلك لا يأسف المرء ولو أكثر من التأمل في المجموعة المذهلة من المجوهرات المغولية التي جمعها الشيخ الكويتي ناصر صباح الأحمد الصباح، للمتحف البريطاني في لندن، فهي تهزّ مشاعرك بعمق. عندما تحدق في تلك الياقوتة التي تزن 3،249 قيراطاًَ، فكأنك شربت اكسيراً باعثاً للخيال. بدأ الشيخ ناصر يجمع هذه الكنوز المغولية منذ منتصف السبعينات، وتعود مجموعته من مجوهرات الهند في القرن السابع عشر، وتعتبر الأندر والأرفع قيمة على الاطلاق. ولكن كم من عربي ثري لديه هذا الولع بمجوهرات الهند العائدة الى القرن السابع عشر، ناهيك عن المجوهرات والأحجار الكريمة التي حُفرت عليها كتابات قرآنية تخصص بها المغول؟ هناك أيضاً أنواع من المجوهرات والحلى الثمينة كالسيوف والأكواب والقلاّدات والخناجر المرصّعة. وقبل وصول مجموعة الشيخ ناصر الى لندن، ورد ذكرها عام 1990 لدى غزو العراق للكويت، وقيل انهم استولوا على موجودات المتحف الوطني الكويتي ومن ضمنها مجموعة الشيخ ناصر. غير ان معظم قطع المجموعة النادرة أعيدت بعد انتهاء حرب الخليج علماً باختفاء قطع معينة بينها زمردة حفرت عليها مناظر زهور تزن 5،233 قيراطاً. ولا يخلو معرض المتحف البريطاني من المجوهرات العملاقة كالياقوتة التي يبلغ وزنها 3،249 قيراطاً والتي لا يمكن تقدير ثمنها. يقول أحدهم انه اشترى لزوجته خاتماً جميلاً مرصعاً بياقوتة منذ بضعة أشهر في لحظة حب جنوني، فاعتقد انه كان الأكثر كرماً وعشقاً مع ان الياقوتة لا تزن أكثر من قيراط واحد، فإذا قورنت بياقوتة الشيخ ناصر التي تزن 30،249 قيراطاً تظهر كحبة قرفة مقابل صخرة ضخمة عند غروب الشمس. على عكس حالات الولع الأخرى، يتجاوز عشق المجوهرات الأنواع والأشكال، وذلك هو السبب الذي جعل شاري الهدية لزوجته يقول: من عمق حبي المجنون لزوجتي اشتريت لها حجراً بيضاوياً معقولاً. والسبب نفسه جعل الشيخ ناصر يملك ذلك الحجر الزمرد بلونه الأخضر الفاتح والعمق المائل الى الأزرق الذي يزن 235 قيراطاً. والحجر "الزفير" الذي يزن 6،106 قيراطاً، هو السبب الذي جعله يملك آلافاً من الحجارة الكريمة الصغيرة التي يرجع تاريخها الى القرن السابع عشر. تلك بضاعة نادرة، لا مثيل لها هذه الأيام، حتى بمقارنتها مع مجوهرات القيصرية الروسية أو صانعي الذهب الألمان في القرن السادس عشر أو حتى عمالقة المجوهرات في نورمبرغ إذ تبقى المجوهرات المغولية هي الأرقى والأندر". هنا ترى وعاء يعود تاريخه الى الربع الأول من القرن السابع عشر يحتوي على 727 حجراً من الياقوت والزمرد مزروعاً في حوض من الذهب، تتوسطها الزمردة الأكبر في شكل عنكبوت عملاق. وتنتشر حجارة الياقوت حوله بحسب حجمها الأصغر فالأكبر. لا يهتم الصاغة الهنود عادة بتقطيع الحجارة الكريمة في أسطح حادة، يفضلونها مستديرة إذ لا يقصون منها الكثير سدى، وهكذا هي المجوهرات المغولية التي لا تتميز بالأطراف الحادة. يريد المغول مجوهراتهم ان تبدو كزهرة "اللوتس" أو كشيء من الحديقة أو أصداف البحر.