نشرت وسائل الإعلام اليوغوسلافية امس، روايات مختلفة عن كيفية نقل الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش من السجن المركزي في بلغراد الى معتقله الجديد في محكمة جرائم الحرب في لاهاي التي تبدأ محاكمته الاثنين بتلاوة نص التهم الموجهة اليه. ومن جمع الروايات المختلفة يمكن الخروج برواية موحدة كالآتي: في حدود الساعة 00،17 بالتوقيت المحلي في يوغوسلافيا، دخل زنزانة سلوبودان ميلوشيفيتش رجال مبعوثون من الحكومة الصربية، وقالوا له: جئنا لترحيلك من هنا. وسأل ميلوشيفيتش: اين ينبغي ان أذهب؟ اجابوه: الى لاهاي. فقال بعدما اطرق قليلاً: هل يمكن ان أرتب حاجاتي؟ قالوا: لا مانع لكن بسرعة. وسأل: وهل يمكن ان أتحدث بالهاتف مع عائلتي والمحامي؟ ردوا: لا. ولم يقل ميلوشيفيتش شيئاً بعد ذلك، ورتب ملابسه وحذاء وفرشة ومعجون اسنان وأدوات حلاقة ووضعها في حقيبة، ثم خرج من الزنزانة وكانت تنتظر قربها سيارة فان كبيرة من دون شبابيك، فدخلها وخرجت من السجن تواكبها في المقدمة شاحنة نقل المواد الغذائية للسجن ووراءها سيارة "مرسيدس". واخترق الموكب بعرباته الثلاث تجمعاً لأنصار ميلوشيفيتش كانوا عند بوابة السجن، لكن لم يدرك هؤلاء ان ميلوشيفيتش موجود في إحدى السيارات. ووصلت العربات الثلاث الى مطار بلغراد الدولي الساعة 45،17 بالتوقيت المحلي، وترجل ميلوشيفيتش من السيارة وكان مرتدياً قميصاً أبيض ذي كمين قصيرين ومن دون ربطة عنق، وسروالاً أزرق وحذاء صيفياً أبيض، وبرفقته شخصان بملابس مدنية. وأدخل حالاً ومعه الشخصان، طائرة مروحية لحلف شمال الأطلسي كانت في الانتظار هناك منذ 48 ساعة. وأقلعت ترافقها طائرة مشابهة اخرى. ونظر ميلوشيفيتش الى الشخصين وقال بهدوء: "اليوم، هو مثل ذلك اليوم في بداية الحرب العالمية الثانية، الذي خان بعض الصرب شعبهم، وخدموا النازيين الألمان"، وبعد ذلك لم يتحدث شيئاً طيلة الرحلة. وحطت الطائرتان في القاعدة العسكرية الأميركية القريبة من مدينة توزلا في البوسنة، الساعة 00،19 بالتوقيت المحلي، وأُدخل ميلوشيفيتش طائرة مروحية اخرى، أقلعت في اتجاه لاهاي ترافقها مروحية ثانية. وكانت في مطار لاهاي اتخذت اجراءات امنية مشددة ومن دون ان يسمح لأحد، حتى الصحافيين، بمشاهدته اذ نقل الى معتقل محكمة جرائم الحرب، وعندما كان في طريقه الى زنزانته تمكن احد الصحافيين من تصويره عن بعد، اذ كان يسير في الوسط بين اثنين من رجال الشرطة. وبحسب المعلومات فإن زنزانة لاهاي افضل بكثير مما هي حال زنزانة السجن المركزي في بلغراد، ففيها وسائل الراحة مثل التلفزيون ويجرى تزويدها الكتب والصحف التي يرغبها وفراشها ومرافقها جيدة بشكل عام. لكن اجراءات حراسة خاصة اتخذت لمراقبة ميلوشيفيتش، خشية ان يحاول الانتحار. وأفاد امس احد محامي ميلوشيفيتش، انه اتصل من مكان احتجازه في لاهاي مع عائلته وفريق محامين للدفاع عنه في اتهامات ارتكاب جرائم حرب. وأبلغ ميلوشيفيتش المحامي الذي اتصل به انه "لا يشعر بأنه مذنب لأن سياسته كانت ترمي الى حماية مصالح الشعب الصربي". وأضاف أنه "سيفعل الأمر نفسه لو أتيح له المجال مرة اخرى". وأشار الى أنه "منشغل في شأن أسرته، اكثر من انشغاله على نفسه، ويريد منهم ان يهدأوا". وأوضح المحامي الذي نقل كلام ميلوشيفيتش ان فريق المحامين الذي سيدافع عنه سيسافر اليوم السبت الى لاهاي. وهو الفريق نفسه الذي كان يدافع عن ميلوشيفيتش اثناء اعتقاله في بلغراد. ومعلوم ان محكمة الجزاء الدولية في لاهاي تتهم ميلوشيفيتش بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في كوسوفو ضد السكان الألبان، قبل وخلال الغارات الجوية التي شنها حلف شمال الأطلسي على يوغوسلافيا عام 1999. كما تنوي المحكمة ترتيب اتهامات جديدة ضده تخص الجرائم التي ارتكبت بتوجيه منه اثناء حروب الصرب في كل من البوسنة وكرواتيا، بعد انهيار يوغوسلافيا السابقة.