أول الكلام: من كتابها "كائن اسمه الحب"، للشاعرة اللبنانية/ سوزان عليوان: - فنجان حزين جداً كيف له ان يحضنها فيما تُقبّله وله ذراع واحدة؟!!
يمكنني أن أبدأ الكتابة فوراً عن مميزات ثلاث تُبلور صوت هذه الفنانة التي تلزمك بالاحترام والإصغاء: جوليا بطرس... وتلك المميزات هي: حلاوة صوت، وحضور أداء، وإحساس في التعبير. يعجبني هذا الحس الفني الذي تشيع به نبرة صوت "جوليا"... فإذا غنَّت لا بد أن تُبكيك في قمة عشقك لمعاني الوطن، كحورية تبذر في الكون: نقاء ونصاعة بياض... ويجذبني هذا الحضور الطاغي الذي يفلسفه صوتها بكل زخم التعبير في علوّه وهدوئه، وهي تشدو، فكأنّ صوتها يجسد ثورة الإنسان على الطغيان، وعلى الضعف، وعلى الظلم... كمن يحدق في ذات "النضال"، وكمن يحتضن ثورة الشعوب على القوة المهينة، خاصة وهي تصرخ: - "وين الملايين/ الشعب العربي وين"؟!! أبكي حقاً... كلما غنَّت "جوليا" هذه النداءات/ الأسئلة الجارحة... يجهش صوتي، متَّحداً مع صوت "جوليا"، بكل خوف وانكسارات أُمَّتي العربية!!
"جوليا بطرس" صوتُ نضال ومقاومة... لم تجذبها إغراءات "الفيديو كليب" ولا دولارات شركات الكاسيت، وقد قالوا لها: بصوتك نبيع ملايين الأشرطة، ولكن... غَنِّي لحب هذا الزمان... نطنطي وتقافزي، ودعي فساتينك تسفر، ونضمن لك الأرباح المادية!! كنت أشاهد "جوليا" على المسرح - عبر شاشة التلفاز - وكأنَّ في يدها كلاشينكوف توجّهه الى عدو قومها ووطنها، وقد ساهمت اكثر أغانيها في الإشادة بانتفاضة الأقصى والترويج لها... ولعل أغنيتها: "وين الملايين" بقيت هي اغنية الشعب العربي من المحيط الى الخليج في عام 2000 منذ اندلاع شرارة الانتفاضة الثانية، وتستطيع ان تتواصل في وجدان الشعب العربي هذا العام، لولا أن قناة فلسطين الفضائية حجبتها منذ طلائع السفاح شارون... أما عن الفضائيات العربية، فنحسب ان هذه الأغنية/ النشيد الثوري الفلسطيني: لا تروق لتوجُّهات الكثير من الفضائيات العربية التي تفرض على المشاهد العربي: الأفلام المعادة حتى الملل، وأغاني الخصور والسيقان والتزليط اللحمي، والحوارات التي تتحوَّل الى مرتع لشتائم بعض العرب لبعضهم الآخر... ولا نحسب هذه الفضائيات تليق بنشيد "وين الملايين"؟!!
لقد أحيت "جوليا" حفلات لصالح الانتفاضة، وهي تُكرِّس دور الفنان، وطرحت ألبومات لأغانيها الوطنية، مخالفة بذلك ما يفعله الكثير ممن يُطلق عليهم: مغنُّون في الوطن العربي، ومن الذين ما زالوا يعتمدون في نجاح ألبوماتهم على: هز الوسط، وقفز السيقان، وعرض اللحم الأبيض!! ولعلني في كلمات الإشادة برسالة "جوليا بطرس"، أردد معها كلمات أغنيتها الجديدة: - ما عَمْ بفْهم عربي كتير فهِّمني: شو يعني ضمير هالكلمة صارت منسيّة بقاموس العالم: مَلْغية وليش بيحكوا فيها كتير!!